نبّىء عبادي أني |
|
أنا الغفور الرحيم(١) |
وقال : [بحر المتقارب]
إذا ظلم المرء فاصبر له |
|
فبالقرب يقطع منه الوتين |
فقد قال ربك وهو القوي |
|
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)(٢) |
ومن نثره لما ذكر قصيدة كعب بن زهير رضي الله تعالى عنه ما نصه : وهذه القصيدة لها الشرف الراسخ ، والحكم الذي لم يوجد له ناسخ ، أنشدها كعب في مسجد المصطفى بحضرته وحضرة أصحابه ، وتوسّل بها فوصل إلى العفو عن عقابه ، فسدّ صلى الله عليه وسلم خلّته (٣) ، وخلع عليه حلّته ، وكف عنه كفّ من أراده ، وأبلغه في نفسه وأهله مراده ، وذلك بعد إهدار دمه ، وما سبق من هذر كلمه (٤) ، فمحت حسناتها تلك الذنوب ، وسترت محاسنها وجه تلك العيوب ، ولولاها لمنع المدح والغزل ، وقطع من أخذ الجوائز على الشعر الأمل ، فهي حجة الشعراء فيما سلكوه ، وملاك أمرهم فيما ملكوه ، حدثني بعض شيوخنا بالإسكندرية بإسناده أن بعض العلماء كان لا يستفتح مجلسه إلا بقصيدة كعب ، فقيل له في ذلك ، فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، قصيدة كعب أنشدها بين يديك؟ فقال : نعم ، وأنا أحبها وأحب من يحبها ، قال : فعاهدت الله أني (٥) لا أخلو من قراءتها كل يوم.
قلت : ولم تزل الشعراء من ذلك الوقت إلى الآن ينسجون على منوالها ، ويقتدون بأقوالها ، تبركا بمن أنشدت بين يديه ، ونسب مدحها إليه ، ولما صنع القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم على وزن «بانت سعاد» قال : [بحر الطويل]
لقد قال كعب في النبيّ قصيدة |
|
وقلنا عسى في مدحه نتشارك |
فإن شملتنا بالجوائز رحمة |
|
كرحمة كعب فهو كعب مبارك |
انتهى.
وقال رحمه الله تعالى : [بحر الوافر]
لقد كر العذار بوجنتيه |
|
كما كر الظلام على النهار |
فغابت شمس وجنته وجاءت |
|
على مهل عشيّات العذار |
__________________
(١) انظر سورة الحجر الآية : ٤٩.
(٢) انظر سورة الأعراف ، الآية ١٨٣.
(٣) الخلّة : الحاجة.
(٤) هذر الكلام : سقطه.
(٥) في أ : «أن لا أخلو».