فقال : إني أحفظ صحيح مسلم والترمذي ، فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي ومثلها من المسند ومثلها من الموضوعات ، فجعلتها في جزء ، ثم عرضت عليه حديثا من الترمذي فقال : ليس بصحيح ، وآخر فقال : لا أعرفه ، ولم يعرف منها شيئا ، فأفسد نفسه بذلك.
وقال سبط ابن الجوزي (١) : إنه كان يتزيّد (٢) في كلامه ، ويثلب (٣) المسلمين ، ويقع فيهم ، فترك الناس الرواية عنه وكذّبوه ، وقد كان الملك الكامل مقبلا عليه ، فلمّا انكشف له شأنه أخذ منه دار الحديث وأهانه.
وقال العماد بن كثير : قد تكلّم الناس فيه بأنواع من الكلام ، ونسبه بعضهم إلى وضع حديث في قصر صلاة المغرب ، وكنت أودّ أن أقف على إسناده ليعلم كيف رجاله ، وقد أجمع العلماء ـ كما ذكره ابن المنذر وغيره ـ على أنّ صلاة المغرب لا تقصر (٤) ، واتّفق أنه وصل في جمادى الأولى سنة ٦١٦ إلى غزة ، فخرج كلّ من في غزة بالأسلحة والعصي والحجارة إلى الموضع الذي هو فيه ، وضربوه ضربا شديدا بعد أن انهزم من كان معه ، انتهى.
وقدّمنا في ترجمته توثيق جماعة له ، فربّك أعلم بحاله.
٧٢ ـ ومنهم عبد الله بن محمد بن آدم ، القاري ، الخراساني (٥).
رحل من خراسان إلى الأندلس ، يكنى أبا محمد ، ذكره أبو عمرو المقري ، وقال : سمعته يقرأ مرات كثيرة ، فكان من أحسن الناس صوتا ، ولم تكن له معرفة بالقراءة ولا دراية بالأداء ، انتهى.
٧٣ ـ ومنهم عبد الرحمن بن داود بن علي ، الواعظ.
من أهل مصر ، يعرف بالزبزاري ، يكنى أبا البركات وأبا القاسم ، ويلقّب زكي الدين. قدم على الأندلس ، وتجوّل في بلادها واعظا ومذكرا ، وسمع منه الناس بقرطبة وإشبيلية ومرسية وبلنسية سنة ٦٠٨.
قال ابن الأبار : وسمعت ، وعظه إذ ذاك بالمسجد الجامع من بلنسية ، وادّعى الرواية عن
__________________
(١) انظر مرآة الزمان ص ٦٩٨.
(٢) يتزيد في كلامه : يزيد في أثنائه من عنده ، ويكذب فيه.
(٣) يثلب المسلمين : ينقصهم ويعيبهم.
(٤) قصر الصلاة : رخصة للمسلمين في السفر أن يصلوا ركعتين بدلا من أربع.
(٥) انظر التكملة : ٩١٣.