سنة ست وأربعين وستمائة ، وخلص ، وقدم مصر سنة بضع وخمسين ، وقيل : إنه تمذهب للشافعي ، وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام قليلا ، وسمع من شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري الحموي ، والمعين أحمد بن زين الدين وإسماعيل بن عزون (١) والنجيب بن الصيقل وابن علّان (٢) ، وبدمشق من ابن عبد الدائم وخلق ، وعني بالحديث ، وأتقن ألفاظه ، وعرف رواته وحفاظه ، وفهم معانيه ، وانتقى لبابه (٣) ومبانيه.
قال الصفدي : وكان من كبار أئمة هذا الشان ، وممن يجري فيه وهو طلق اللسان ، هذا إلى ما فيه من ديانة ، وورع وصيانة ، وكانت له حلقة اشتغال بكرة بالجامع الأموي يلازمها ، ويحوم عليه من الطلب حوائمها ، سمع عليه الشيخ شمس الدين الذهبي ، واستفاد منه ، وروى في تصانيفه عنه ، وعرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فأباها ، ولم يقبل حباها (٤) ، وكان بزيّ الصوفية ، ومعه فقاهة بالشافعية ، ولم يزل على حاله حتى أحزن الناس ابن فرح ، وتقدّم إلى الله وسرح ، وشيع الخلق جنازته ، وتولّوا وضعه في القبر وحيازته ، وتوفي رحمه الله تعالى تاسع جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وستمائة ، ومولده سنة خمس وعشرين وستمائة.
وله قصيدة غزلية في ألقاب الحديث سمعها منه الدّمياطي واليونيني ، وسمع منه البرزالي والمقاتلي والنابلسي وأبو محمد بن الوليد ، ومات بتربة أم الصالح بالإسهال.
والقصيدة المذكورة هي هذه : [بحر الطويل]
غرامي صحيح والرّجا فيك معضل |
|
وحزني ودمعي مطلق ومسلسل (٥) |
وصبري عنكم يشهد العقل أنه |
|
ضعيف ومتروك ، وذلّي أجمل |
ولا حسن إلا سماع حديثكم |
|
مشافهة يملى علي فأنقل |
وأمري موقوف عليك ، وليس لي |
|
على أحد إلا عليك المعوّل |
ولو كان مرفوعا إليك لكنت لي |
|
على رغم عذالي ترقّ وتعدل |
وعذل عذولي منكر لا أسيغه |
|
وزور وتدليس يرد ويهمل |
أقضّي زماني فيك متصل الأسى |
|
ومنقطعا عما به أتوصّل |
__________________
(١) في ب ، ه : «وإسماعيل بن عزوز».
(٢) في ب : «ابن علاق» وفي ه : «وابن علاف».
(٣) في ه : «وانتفى لآليه».
(٤) الحباء ، بكسر الحاء : العطاء ، وقد قصره لإقامة السجع.
(٥) المعضل : المسألة الصعبة التي لا يهتدى لحلّها.