وحكي أنه كتب على كبره كتاب سيبويه كلّه بقلم واحد ، ما زال يبريه حتى قصر ، فأدخله في قلم آخر ، وكتب به حتى فني بتمام الكتاب.
وله تآليف : منها «لقط المرجان» (١) وهو أكبر من «عيون الأخبار» (٢) وكتاب «سراج الهدى» في القرآن ومشكله وإعرابه ومعانيه ، و «المرصعة» و «المدبجة».
وجال في البلاد شرقا وغربا من خراسان إلى الأندلس ، وقد ذكر ذلك في أشعار له.
وكان أديب الأخلاق ، نزيه النفس ، كتب لأمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ، ثم لابنه أبي العباس عبد الله ، وكان أيام زيادة الله بن عبد الله آخر ملوك الأغالبة على بيت الحكمة ، وتوفي بالقيروان سنة ثمان وتسعين ومائتين في أوّل ولاية عبيد الله الشيعي ، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
وممّن ألمّ بذكره المؤرخ الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق (٣).
وقال عريب بن سعد في حقّه : إنه كان أديبا شاعرا مرسّلا حسن التأليف ، وقدم الأندلس على الإمام محمد بن عبد الرحمن ، وذكر له معه قصّة ذكرها ابن الأبّار في كتابه «إفادة الوفادة» وحكي أنّ له مسندا في الحديث ، وكتابا في القرآن سمّاه «سراج الهدى» والرسالة الوحيدة ، والمؤنسة ، وقطب الأدب ، وغير ذلك من الأوضاع.
قال : وكتب لبني الأغلب حتى انصرمت أيامهم ، ثم كتب لعبيد الله حتى مات.
ومن الرواة عنه أبو سعيد عثمان بن سعيد (٤) الصيقل مولى زيادة الله بن الأغلب ، وأسند إليه الحافظ ابن الأبار رواية شعر أبي تمام بأن قال : قرأت شعر حبيب (٥) على أبي الربيع بن سالم ، وقرأت جملة منه على غيره ، وناولني جميعه وحدّثني به عن أبي عبد الله بن زرقون عن الخولاني عن أبي القاسم حاتم بن محمد عن أبي غالب تمام بن غالب بن عمر اللغوي عن أبيه أبي تمام عن أبي سعيد المذكور ، يعني ابن الصيقل ، عن أبي اليسر عن حبيب ، وهو إسناد غريب ، انتهى.
__________________
(١) في ب ، ه : «لقيط المرجان».
(٢) عيون الأخبار ، كتاب لابن قتيبة طبع في أربعة أجزاء بدار الكتب المصرية.
(٣) انظر ص (١٠٥) وص (١٠٦) من هذا الجزء.
(٤) في ه : «عثمان بن سعد الصيقل».
(٥) حبيب : هو حبيب بن أوس الطائي ، أبو تمام الشاعر المشهور.