طود الفضائل باكرت أرجاءه |
|
ديم الحجا فغدا كروض مخصب (١) |
بحر الهدى والعلم إلا أنه |
|
صفو من الأكدار عذب المشرب |
هو قطب دائرة الفضائل في الورى |
|
فيكاد يخبرنا بكل مغيب |
في الفضل ما جاولت يوما مثله |
|
كلّا ولا قست البدور بكوكب |
أنى يجارى في الفضائل من له انق |
|
اد الزمان بأدهم وبأشهب (٢) |
سنن لمدح الغير تسقط عندنا |
|
فله العلا تقضي بفرض أوجب |
ما روضة حلّى أزاهرها الحيا |
|
فافتر فيها كل ثغر أشنب |
ومشت بها خود الصبا فتعطرت |
|
أذيالها من كل عرف طيب |
للنور فيها جدول أخذت به |
|
شهب المجرة حيرة المتعجب |
باتت تناشدني بها ذكر الهوى |
|
ورق الأراك بكل صوت مطرب |
تشكو إليّ بمثل ما أشكو لها |
|
شكوى المعذّب في الهوى لمعذب |
فعلمت ما قد حل من وجد بها |
|
وجهلن ، وهو الفرق ، ما قد حلّ بي |
لم تلق فيها من عليل يشتكي |
|
إلا النسيم وذا الهوى إن تطلب |
بأغض حسنا من ربا آداب من |
|
حيّا رياض حجاه ألطف صيب |
طبع أرق من النسيم ومنطق |
|
مستعذب ، وكذاك كل مهذب |
لو جاد صوب حجاه قفرا مجدبا |
|
لنعمت منه بكل روض معشب |
مولاي عذرا فالزمان يعوقني |
|
عن مطلبي والآن مدحك مطلبي |
عفوا إذا أخّرت مدحك سيدي |
|
فعوائق الأيام عذر المذنب |
وكذاك يفعل بالأديب زمانه |
|
فلذا يطول على الزمان تعتّبي |
لم ألق يوما من يديه مهربا |
|
إلا ثناك ، وحبذا من مهرب |
لولاك ما جال القريض بخاطري |
|
فالدهر يوجب للقريض تجنّبي (٣) |
لولاك لم ينهض جواد قريحتي |
|
في كل واد للضلالة متعب (٤) |
__________________
(١) الطود : الجبل ، والديم : جمع ديمة ، وهي المطر دون برق ولا رعد. الحجا : العقل.
(٢) الأدهم : الأسود ، وأراد به الليل. والأشهب : ما يخالطه بياض ، وأراد به النهار.
(٣) القريض : الشعر.
(٤) في ب : «من كل واد».