من باب ضرب وهو لغة. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف بفتح التحتية وضم الفوقية من فعل قتر من باب نصر.
والإقتار والقتر : الإجحاف والنقص مما تسعه الثروة ويقتضيه حال المنفق عليه. وكان أهل الجاهلية يقترون على المساكين والضعفاء لأنهم لا يسمعون ثناء العظماء في ذلك. وقد تقدم ذلك عند قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) [البقرة : ١٨٠].
والإشارة في قوله : (بَيْنَ ذلِكَ) إلى ما تقدم بتأويل المذكور ، أي الإسراف والإقتار.
والقوام بفتح القاف : العدل والقصد بين الطرفين.
والمعنى : أنهم يضعون النفقات مواضعها الصالحة كما أمرهم الله فيدوم إنفاقهم وقد رغب الإسلام في العمل الذي يدوم عليه صاحبه ، وليسير نظام الجماعة على كفاية دون تعريضه للتعطيل فإن الإسراف من شأنه استنفاد المال فلا يدوم الإنفاق ، وأما الإقتار فمن شأنه إمساك المال فيحرم من يستأهله.
وقوله : (بَيْنَ ذلِكَ) خبر (كانَ) و (قَواماً) حال موكّدة لمعنى (بَيْنَ ذلِكَ). وفيها إشعار بمدح ما بين ذلك بأنه الصواب الذي لا عوج فيه. ويجوز أن يكون (قَواماً) خبر (كانَ) و (بَيْنَ ذلِكَ) ظرفا متعلقا به. وقد جرت الآية على مراعاة الأحوال الغالبة في إنفاق الناس. قال القرطبي : والقوام في كل واحد بحسب عياله وحاله ولهذا ترك رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا بكر الصديق يتصدق بجميع ماله ومنع غيره من ذلك.
[٦٨ ، ٦٩] (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩))
هذا قسم آخر من صفات عباد الرحمن ، وهو قسم التخلّي عن المفاسد التي كانت ملازمة لقومهم من المشركين ؛ فتنزه عباد الرحمن عنها بسبب إيمانهم ، وذكر هنا تنزههم عن الشرك وقتل النفس والزنا ، وهذه القبائح الثلاث كانت غالبة على المشركين.
ووصف النفس ب (الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) بيان لحرمة النفس التي تقررت من عهد آدم فيما