قلت : يقولون : إنّ العرش كان على الماء ، والرّبّ فوقه.
فقال : كذبوا. من زعم هذا ، فقد صيّر الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين ولزمه أنّ الشّيء الّذي يحمله أقوى منه.
قلت : بيّن لي ، جعلت فداك.
فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ حمّل علمه ودينه الماء قبل أن تكون سماء أو أرض أو إنس أو جنّ أو شمس أو قمر. فلمّا أراد أن يخلق الخلق ، نثرهم بين يديه.
فقال لهم : من ربّكم؟
فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ. فقالوا : أنت ربّنا.
فحمّلهم العلم والدّين. ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي ، وهم المسئولون.
ثمّ قيل لبني آدم : أقرّوا لله بالرّبوبيّة ولهؤلاء النّفر بالطّاعة.
فقالوا : نعم ، ربّنا ، أقررنا.
فقال للملائكة : اشهدوا.
فقالت الملائكة : شهدنا على أن لا يقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (١).
إنّ (٢) ولايتنا مؤكّدة عليهم في الميثاق.
وعلى هذا الخبر ، المراد بالعرش : العلم ، كما سبق ـ أيضا ـ في الأخبار الاخر.
ومعنى (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) : أنّ علمه التّفصيليّ الّذي هو عين الموجودات كان منحصرا في الماء. فلا يلزم إمكان الخلاء ، ولا مح (٣) آخر.
وفي أصول الكافي (٤) : محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرّحمن بن كثير ، عن داود الرّقّيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).
فقال : ما يقولون؟
__________________
(١) الأعراف / ١٧٣.
(٢) المصدر : «يا داود» بدل «إنّ».
(٣) كذا في النسخ. ويمكن أن يكون «محلّ».
(٤) الكافي ١ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، صدر ح ٧.