فقال الأبرش : لأسألنّه عن مسألة (١) لا يجيبني فيها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ.
فقال هشام : وددت أنّك فعلت ذلك.
فلقي الأبرش أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ. فقال : يا أبا عبد الله ، أخبرني عن قول الله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) (٢). فبما كان رتقهما ، وبما كان فتقهما؟
فقال أبو عبد الله : يا أبرش ، هو كما وصف نفسه (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) والماء على الهواء ، والهواء لا يحدّ ولم يكن يومئذ خلق غيرهما ، والماء عذب فرات. فلمّا أراد أن يخلق الأرض أمر الرّياح فضربت الماء حتّى صار موجا ، ثمّ أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ، ثمّ جعله جبلا من زبد ، ثمّ دحى الأرض من تحته فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) (٣) ، ثمّ مكث الرّبّ ـ تبارك وتعالى ـ ما شاء. فلمّا أراد أن يخلق السّماء ، أمر الرّياح ، فضربت البحور حتّى أزبدت بها. فخرج من ذلك الموج والزّبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السّماء وجعل فيها البروج والنّجوم ومنازل الشّمس والقمر وأجراها في الفلك. وكانت السّماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة. وستقف عليه بتمامه عند قوله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (الآية) إن شاء الله.
حدّثني أبي (٤) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن الطّفيل (٥) ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : وقد أرسل إليه ابن عبّاس يسأل عن مسائل : وأمّا ما سأل عنه من العرش ممّ خلقه الله؟ فإنّ الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله إلّا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنّور. ثمّ خلقه الله ألوانا مختلفة (٦). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
حدّثني أبي (٧) ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن النّعمان الأحول ، عن سلام
__________________
(٧) المصدر : «نبيّ من كثرة» بدل «وصيّ الامام لكثرة».
(١) المصدر : مسائل.
(٢) الأنبياء / ٣٠.
(٣) آل عمران / ٩٦.
(٤) تفسير القمّي ٢ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٥) المصدر : أبي الطفيل.
(٦) المصدر : ثمّ خلقه من ألوان أنوار مختلفة.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٥٢ والحديث عن علي بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ.