قال : لا ، ذاك اسم سمّى الله به أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. لم يسمّ به أحدا قبله ، ولا يتسمّى (١) به بعده إلّا كافر.
قلت : جعلت فداك ، كيف يسلّم عليه (٢)؟ قال :
يقولون : السّلام عليك ، يا بقيّة الله. ثمّ قرأ : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
الحسين بن محمّد (٣) ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط ، عن صالح بن حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بكر الحضرميّ قال : لمّا حمل أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ إلى الشّام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه ، قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أميّة : إذا رأيتموني [قد وبّخت محمّد بن عليّ ثم رأيتموني] (٤) قد سكتّ ، فليقبل عليه كلّ رجل منكم فليوبّخه. ثمّ أمر أن يؤذن له.
فلمّا دخل عليه أبو جعفر قال ـ عليه السّلام ـ بيده : السّلام عليكم. فعمّهم جميعا بالسّلام ، ثمّ جلس.
فازداد هشام عليه حنقا بتركه السّلام عليه بالخلافة ، وجلوسه بغير إذن. فأقبل يوبّخه ، ويقول فيما يقول له : يا محمّد بن عليّ ، لا يزال الرّجل منكم قد شقّ عصى المسلمين ودعا إلى نفسه ، وزعم أنّه الإمام سفها وقلّة علم. ووبّخه بما أراد أن يوبّخه. فلمّا سكت ، أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبّخه حتّى انقضى آخرهم.
فلمّا سكت القوم ، نهض ـ عليه السّلام ـ قائما. ثمّ قال : أيّها النّاس ، أين تذهبون ، وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أوّلكم ، وبنا يختم آخركم. فإن يكن لكم ملك معجّل ، فإنّ لنا ملكا مؤجّلا. وليس بعد ملكنا ملك ، لأنّا أهل العاقبة. يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٥).
فأمر به الى الحبس. فلمّا صار إلى الحبس ، تكلّم فلم يبق في الحبس رجل إلّا ترشّفه وحنّ إليه (٦). فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّي خائف
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يتسمّ.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «نسلّم» بدل «يسلّم عليه».
(٣) الكافي ١ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، ح ٥.
(٤) من المصدر.
(٥) الاعراف / ١٢٥.
(٦) في هامش الكافي : ترشّفه ، أي : مصّه. وهو كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه. وحنّ إليه :