تأويل دعوة المدعوّ الحقّ.
وقيل (١) : الحقّ هو الله ، وكلّ دعاء إليه دعوة الحقّ.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) ، أي : والأصنام الّذين يدعوهم المشركون ، فحذف الرّاجع.
أو والمشركون الّذين يدعون الأصنام ، فحذف المفعول لدلالة (مِنْ دُونِهِ) عليه.
(لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) : من الطّلبات.
(إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ) : إلّا استجابة كاستجابة من بسط كفّيه.
(إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) : يطلب منه أن يبلغه من بعيد ، أو يغترف مع بسط كفّيه ليشربه.
(وَما هُوَ بِبالِغِهِ) : لأنّ الماء جماد لا يشعر بدعائه ، ولا يقدر على إجابته ، ولا يستقرّ في الكفّ المبسوطة ، وكذلك آلهتهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : هذا مثل ضربه الله للّذين يعبدون الأصنام والّذين يعبدون الآلهة من دون الله فلا يستجيبون لهم بشيء ولا ينفعهم (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) ليتناوله من بعيد ولا يناله.
وحدّثني أبي (٣) ، عن أحمد بن النّظر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : جاء رجل إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، رأيت أمرا عظيما.
قال : وما رأيت؟
قال : كان لي مريض ، ونعت له ماء من بئر بالأحقاف يستشفي به في برهوت.
قال : فتهيّأت ومعي قربة وقدح لآخذ من مائها وأصبّ في القربة ، وإذا بشيء قد هبط في جوّ السّماء ، كهيئة السّلسلة ، وهو يقول : يا هذا ، اسقني السّاعة أموت. فرفعت رأسي إليه ورفعت إليه القدح لأسقيه ، فإذا رجل في عنقه سلسلة ، فلمّا ذهبت أناوله القدح اجتذب منّي حتّى علّق بالشّمس ، ثمّ أقبلت على الماء أغرف إذ أقبل الثانية ، وهو يقول : العطش العطش ، يا هذا ، اسقني السّاعة أموت. فرفعت القدح لأسقيه فاجتذب
__________________
(١) المجمع ٣ / ٢٨٣.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٦١.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٦١.