فقلت : أكان قد أظلّهم؟
فقال : نعم ، حتّى نالوه بأكفّهم.
قلت : فكيف كان ذلك؟
قال : كان ذلك في العلم المثبت عند الله ـ عزّ وجلّ ـ الّذي لم يطلع عليه أحدا أنّه سيصرفه عنهم.
وفي كتاب الخصال (١) : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : وبنا يمحو الله ما يشاء وبنا يثبت.
وفي كتاب التّوحيد (٢) ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : ولو لا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهي هذه الآية (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
وبإسناده (٣) إلى إسحاق بن عمّار ، عمّن سمعه ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا : أنّه هكذا ، ولكنّهم قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص. وقال الله ـ جلّ جلاله ـ تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ألم تسمع الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
وفي عيون الأخبار (٤) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السلام ـ مع سليمان المروزيّ ، قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ بعد كلام طويل لسليمان : ومن أين قلت ذلك ، وما الدّليل على أنّ إرادته علمه ، وقد يعلم ما لا يريده أبدا وذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب به ولا يذهب به أبدا؟
قال سليمان : لأنّه قد فرغ من الأمر ، فليس يزيد فيه شيئا.
قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : هذا قول اليهود ، فكيف قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟
قال سليمان : إنّما عني بذلك : أنّه قادر عليه.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ / ٥١٤ ، ح ١٧٠.
(٢) التوحيد / ٣٠٥ ، ح ١.
(٣) التوحيد / ١٦٧ ، ح ١.
(٤) العيون ١ / ١٥١ ، ح ١.