فقلت : يا ابن رسول الله ، فإذا بلغت نفسه هذه أيّ شيء يرى؟ فقلت له بضع عشرة مرّة : أيّ شيء؟
فقال في كلّها : يرى. لا يزيد عليها.
ثمّ جلس في آخرها ، فقال : يا عقبة.
فقلت : لبيّك وسعديك.
فقال : أبيت إلّا أن تعلم؟.
فقلت : نعم ، يا ابن رسول الله. إنّما ديني مع دينك ، فإذا ذهب ديني كان ذلك (١). كيف لي بك ، يا ابن رسول الله ، كلّ ساعة؟ وبكيت فرقّ لي.
فقال : يراهما ، والله.
قلت : بأبي وأمّي ، من هما؟ قال : ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ـ عليه السّلام ـ. يا عقبة ، لن تموت نفس مؤمنة أبدا حتّى تراهما.
قلت : فإذا نظر إليهما المؤمن ، أيرجع إلى الدّنيا؟.
فقال : لا ، يمضي أمامه. إذا نظر إليهما ، مضى أمامه.
فقلت له : يقولان شيئا؟
قال : نعم. يدخلان جميعا على المؤمن ، فيجلس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عند رأسه وعليّ ـ عليه السّلام ـ عند رجليه. فيكبّ (٢) عليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيقول : يا وليّ الله ، أبشر أنا رسول الله. إنّي خير لك ممّا تركت من الدّنيا. ثمّ ينهض رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فيقوم عليّ ـ عليه السّلام ـ حتّى يكبّ عليه ، فيقول : يا وليّ الله ، أبشر أنا عليّ بن أبي طالب الّذي كنت تحبّه. أما لأنفعنّك.
ثمّ قال : إنّ هذا في كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ.
فقلت : أين ، جعلني الله فداك ، هذا من كتاب الله؟
قال : في يونس ، قول الله ـ عزّ وجلّ ـ ها هنا : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ
__________________
(١) قال في الوافي : «كان» تامة ، أي : إذا ذهب ديني ، تحقق تخلفي عنك ومفارقتي إياك وعدم اكتراثي بالجهل بما تعلم. وفي تفسير العياشي والمنقول عن المحاسن : «إنما ديني مع دمي ، فإذا ذهب ديني كان ذلك». وعليه فالمعنى : أن ديني مقرون بحياتي ، فمع عدم الدين فكأني لست بحي.
(٢) أكب عليه : أقبل إليه ولزمه.