الصفات العليا فله العلم الذي لا يطرأ عليه الجهل ، والقدرة التي لا تعرضه عجز ، والحياة التي لا يحدّدها موت ، فهو سبحانه أعلى من أمثال السوء التي يتصف بها غيره.
فالله سبحانه أعلى ذاتاً ووجوداً ، وأعلى صفة وسمة. أمّا علوّ ذاته فلأجل كونه واجب الوجود ومبدع الممكنات وموجدها ، وأمّا علوّ صفاته فلأنّ كلّّ وصف كمالي يوصف به شيء في السماوات والأرض كالحياة والقدرة والعلم والملك والجود والكرم والعظمة والكبرياء ، فله السهم الأعلى ولغيره الأدنى وذلك لعدم محدوديّة صفاته بخلاف غيره.
ثم انّه ربّما يفسّر « الأعلى » بالقاهر. قال الصدوق : وأمّا الأعلى فمعناه العليّ والقاهر ويؤيّد ذلك قوله عزّ وجلّ لموسى عليهالسلام : ( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَىٰ ) ( طه / ٦٨ ) اي القاهر وقوله عزّ وجلّ في تحريض المؤمنين على القتال : ( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( آل عمران / ١٣٩ ) وقوله عزّ وجلّ : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ ) ( القصص / ٤ ). أي غلبهم واستولى عليهم ، وقال الشاعر في هذا المعنى :
فلمّا علونا واستوينا عليهم |
|
تركنا هم صرعى لنسر وكاسر |
ثم قال ، وهناك معنى ثان وهو إنّه متعال عن الأشباه والأنداد أي متنزّه كما قال : ( وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( يونس / ١٨ ).
والظاهر تعيّن المعنى الثاني وهو الذي عبّرنا عنه بالرفعة وجوداً وصفة ثم الرفعة كما تتحقق بالصفات الكمالية على ما أوضحنا ، تتحقق بالتنزّه عن الأشباه والأنداد وهو الذي ذكره الصدوق ، وأمّا المعنى الأوّل فالظاهر أنّه لازم المعنى الثاني فانّ العلو رتبة بل ومكاناً يستلزم القهر والغلبة ، فالقهر والغلبة ، من لوازم المعنى وليست نفس المعنى.