حضوراً كاملاً ، مطلقاً.
وذلك مثل حضور النفس عند ذاتها وعلمها بذاتها وبقواها ، فإنّ حضور ذاتنا عند ذاتنا لايراد منه حضور أبعاض جسمنا ، بعضها عند بعض ، بل المراد حضور الإنسان المعبّر عنه بلفظة ( أنا ) المجرّد عن الزمان والمكان ، المنزّه عن التكمّم والتدرّج.
فلو فرضنا موجوداً في صعيد أعلى من التجرّد والبساطة وأتم تجرداً من النفس وعارياً عن عوامل غيبة الذات عن نفسها ، التي هي من خصائص الكائن المادي ، كانت ذاته حاضرة لديه ، وهذا يعني علم الله سبحانه بذاته ، فإنّه بمعنى حضور ذاته لدى ذاته بأتمّ وجه وأكمل.
وأنت أيّها القارئ الكريم إذا أمعنت النظر في ما تلوناه عليك يسهل لك نقد ما استدل به على عدم علمه بالذات ، وإليك بيانه :
استدل النافون لعلمه سبحانه بذاته بأنّ العلم نسبة ، والنسبة تتحقّق بين شيئين متغايرين وهما طرفان بالضرورة ، ونسبة الشيء إلى نفسه محال إذ لا تغاير هناك.
وقد أجاب عنه المحقّق الطوسي في التجريد بقوله :
« والتغاير اعتباري »
توضيحه : « إنّ المغايرة قد تكون بالذات وقد تكون بنوع من الاعتبار ، وهاهنا ذاته تعالى من حيث انّها عالمة مغايرة لها من حيث انّها معلومة ، وذلك كاف في تعلق العلم » (١).
__________________
(١) كشف المراد : ص ١٧٥.