عليها في السنن والقوانين الرائجة في المجتمعات ، فالغرض الداعي إليه هو حفظ النظام عن الهرج والمرج وهذا النوع من الانتقام يعدّ حقّا من حقوق المجتمع ، وإن كان ربّما استصحب حقاً فردياً ، كمن ظلم غيره بما فيه مؤاخذة قانونية.
وما ينسب إليه تعالى في الكتاب والسنّة من الانتقام هو ما كان حقاً من حقوق الدين الالهي والشريعة السماوية ، وإن شئت قلت من حقوق المجتمع الاسلامي وإن كان ربّما استصحب الحق الفردي في ما إذا انتصف سبحانه للمظلوم من ظالمه فهو الولي الحميد.
وأمّا الانتقام الفردي لغاية التشفّي فساحته أعزّ من أن يتضرّر باجرام المجرمين ومعصية المسيئين أو ينتفع بطاعة المحسنين.
وبذلك يظهر سقوط ما ربّما يقال : إذا كان الانتقام لغاية التشفّي فلا وجه لنسبة الانتقام إليه « وجه السقوط » ، إنّ الساقط هو الانتقام الفردي لا الاجتماعي (١).
يلاحظ عليه : إنّ ما ذكره يصحّ في مورد القصاص والحدود والكفّارات التي يحكم بها على المجرم في الدنيا لغاية حفظ النظام عن الاختلال ، ولولاها اختلّ الأمن العام ، وأمّا العقوبات الاُخروية فلا يمكن تفسيرها من تلك الجهة إذ لا مجتمع فيها حتى يكون له حقّ كما أنّه ليست هناك مظنّة كون الاُمور فوضى حتّى تستتبع ذلك فالاُولى ما ذكرنا من أنّ نسبة هذه الصفات إلى الله سبحانه من باب المشابهة والمشاكلة ، ولا يتّصف به المولى سبحانه إلاّ بتجريده عن الملابسات الماديّة.
وأمّا القول بأنّ رحمته الواسعة تأبى عن تعذيب المجرم بعذاب خالد غير متناه فقد اجبنا عنه عند البحث عن المعاد في القرآن الكريم.
__________________
(١) الميزان ج ١٢ ص ٨٧ ـ ٨٨.