وأوضحه الرازي بقوله : « وقال جعفر الصادق عليهالسلام : اسم الرحمان خاصّ بالحق ، عامّ في الأثر ، لأنّ رحمته تصل إلى البرّ والفاجر ، واسم الرحيم عامّ في الاسم خاص في الأثر لأنّ اسم الرحيم قد يقع على غير الله تعالى ، فهو من هذا الوجه عامّ إلاّ انّه خاص في الأثر لأنّ هذه الرحمة مختصّة بالمؤمنين ».
ثم استدلّ على ذلك بأنّ بناء وضع « الرحمان » للمبالغة يقال رجل غضبان وشبعان ، ورجل عريان هو الذي لا ثوب له أصلاً ، فإن كان له ثوب خلق ، فقد يقال له إنّه عار ولا يقال إنّه عريان ، وأمّا الرحيم فهو رحيم والفعيل قد يكون بمعنى الفاعل كالسميع بمعنى السامع ، وبمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول وليس في واحد منهما كبير مبالغة.
أضف إلى ذلك انّ كثرة المباني تدلّ على كثرة المعاني ، وحروف الرحمان أكثر من حروف الرحيم (١).
ثمّ إنّه يمكن استظهاره من بعض الآيات ، نرى أنّه سبحانه إنّما يخاطب الكلّ أو خصوص الكافر يقول ( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) ( طه / ٥ ). ويقول : ( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ) ( مريم / ٧٥ ). والأوّل خطاب للعامّ والثاني يخص مفاده بالكافر ، وفي الوقت نفسه يخصّ المؤمنين بالرحيم يقول : ( وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) ( الأحزاب / ٤٣ ) ويقول : ( إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبه / ١١٧ ).
وعلى ضوء هذا فالرحمان وإن كان يفيد الرحمة العامّة للكلّ إلاّ أنّ الرحيم يفيد الرحمة الخاصّة بالمؤمنين ، فكان الرحمان كالأصل والرحيم كالزيادة في التشريف ، والأصل يجب تقديمه على الزيادة كقوله : ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ) ( يونس / ٢٦ ).
__________________
(١) لوامع البينات : ص ١٥٢ ـ ١٧٢.