لكن لا على نحو التمايز والخصوصيّات ، وإلاّ تلزم الكثرة ويلزم التركيب بشرّ صورها في « الملكة ».
فكذلك كلّ علّة واجدة لكمال معلولها ولبّ كمالها على النحو الأتم والأبسط.
إذا عرفت هذا ، فاستوضح للوقوف على استجماع ذاته تعالى لكلّ كمال صدر منه ولكلّ وجود ظهر منه ، من حديث الملكة.
فإنّ ما سوى الله من أرض وسماء ومن إنسان وحيوان ، ومن شجر وحجر ، كلّها موجودات تفصيليّة ، وتحقّقات امكانيّة ، لا يعقل أن تكون موجودة في ذاته سبحانه بهذه الكثرات والتفصيلات ، وإلاّ يلزم انقلاب البسيط إلى المركّب ، وانقلاب الواجب إلى الممكن ، وهو أمر لا يصح لأي حكيم أن يتفوّه به.
ومع ذلك كلّه فذاته سبحانه ذات كاملة مشتملة لكلّ كمال موجود في هذه الموجودات ، بل جامعة كذلك لجميع الوجودات لكن لا بخصوصيّاتها بل هي ـ بما أنّها وجود أتم وتحقّق أكمل ـ جامعة لتلك الكمالات بأشدّها وأكملها وأحسنها.
فكما أنّ « المائة » بوحدتها مشتملة على التسعين والثمانين مع شيء زائد ، لا بمعنى أنّ التسعين والثمانين موجودتان في المائة بنحو التفصيل بل بمعنى أنّ وجود المائة ببساطته تشتمل على كمال كلّ من الرقمين بنحو أتم وأكمل.
فالله سبحانه بحكم البرهان المذكور من أنّه لا يمكن سلب مرتبة من مراتب الوجود عنه ، وإلاّ لزم التركّب في ذاته ، وبفضل برهان آخر هو أنّ معطي الكمال لا يكون فاقداً له ، وجوده أكمل الموجودات ، وأتمّها ، فإذا فرض العلم بذاته وحضور ذاته لديه ، كان ذلك عبارة اُخرى عن علمه بالوجودات الامكانيّة لكن لا بوجه التفصيل ، بل بنحو البساطة والوحدة.