أمّا الدليل الثاني : فلأنّ المراد من قوله سبحانه : ( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) إنّه ليس لها من الاُلوهية إلاّ التسمية وهي أسماء بلامسميات ، وهذا كما يقال لمن سمّى نفسه باسم السلطان انّه ليس له من السلطنة إلاّ الاسم وكذا هنا وعلى ذلك فالمراد من قوله : ( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) اي إلاّ أشخاصاً أنتم سمّيتموها آلهة وليسوا بآلهة.
وأمّا الدليل الثالث : فلا محذور أن لا يكون له اسم ملفوظ في الأزل غير أنّ فقدان هذه الأسماء لا يلازم فقدان المدلولات ، فالله سبحانه كان جامعاً لكمالات هذه الأسماء ومداليلها ، وإن لم يكن هناك اسم على النحو اللفظي.
وأمّا الدليل الرابع : فساقط جداً لأنّ المبتدأ أعني قولنا : محمد يمثّل طريقاً إلى المدلول ، والحكم على ذي الطريق لا على نفس الطريق ، وهذا حكم كلّ لفظ موضوع اسما كان أو فعلاً أو حرفاً.
وأمّا الدليل الخامس : فهو تمسّك بشعر شاعر علم بطلانه ببديهة العقل ومن المحتمل جدا انّ اقحام لفظة اسم في البيت لأجل الضرورة وإلاّ فلا وجه للعدول من « السلام عليكما » إلى « اسم السلام عليكما » (١).
والرازي مع أنّه جعل المسألة بديهية ، أخذ في الاستدلال على أنّ الاسم غير المسمّى لاقناع غيره الذي وقع في الشبهة مقابل البديهية ، فقال : الذي يدل على أنّ الاسم غير المسمّى وجوه :
منها : إنّ أسماء الله كثيرة والمسمّى ليس بكثير.
منها قوله تعالى : ( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) حيث أمرنا أن ندعو الله تعالى بأسمائه ، والشيء الذي يدعي مغاير للشيء الذي يدعى به ذلك المدعو.
إلى غير ذلك من الوجوه التي لا تحتاج إلى الذكر والبيان.
__________________
(١) لاحظ لوامع البينات للرازي ص ٢١ ـ ٢٢ ، وشرح المواقف ج ٨ ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، وشرح المقاصد للتفتازاني ج ٢ ص ٦٩ ـ ٧٠.