بما كان ممكناً بالذات ، أي كان قابلاً للوجود والتحقّق ، وأمّا الخارج عن اطار الإمكان أي الذي يكون بذاته غير ممكن لا يقبل الوجود ، فهو خارج عن نطاق القدرة.
وبعبارة أخرى : إذا لاحظنا الأشياء وجدناها على نوعين :
الأوّل : ما يقبل أن يتلبّس بلباس الوجود ويتحقّق في الواقع الخارجي بسبب قدرة الفاعل.
الثاني : ما إذا لاحظناه في عقلنا ، نجد أنّه لا يتحقّق ولا يقبل الوجود مهما بلغت القدرة من السعة والعظمة ، ومهما بلغ الفاعل من القوّة والقدرة.
ولتوضيح ذلك نأتي بالمثال التالي فنقول :
إذا طلبنا من الخيّاط أو الرسّام أن يخيط الأوّل لنا ثوباً من الآجر ، أو أن يرسم الثاني لنا صورة جميلة لطاووس على صفحة الماء الجاري ، رفضا ذلك لاستحالة خياطة ثوب من الآجر ، ورسم صورة شيء على صفحة الماء الجاري.
فرفض الخيّاط والرسام لهذا الاقتراح ليس لأجل قصورهما وعجزهما ، بل لاستحالة تحقّق خياطة الثوب من الآجر ، والنقش على صفحة الماء الجاري ، فهو بالتالي قصور في جانب القابل ، لا عجز في ناحية الفاعل.
إنّ الآجر لا يمتلك قابلية صيرورته لباساً ، كما أنّ الماء الجاري لا يمتلك هو الآخر قابلية أن يصبح محلاًّ للرسم والنقش.
هكذا كل ما لا يقبل الوجود بذاته ، فإنّ عدم تعلّق القدرة بها ليس من جهة عجز القادر عن إيجادها ، بل من جهة أنّه غير قابل للايجاد ، وغير ممكن التحقّق بذاته.
وهذا نظير ما إذا طلبنا من رئيس مصنع لتوليد الكهرباء أن يجعل مصباحاً واحداً مشتعلاً ومنطفئاً في آن واحد ، فيرفض ذلك الشخص تحقيق هذا المطلب