بحث التوحيد الذاتي.
وبعبارة اُخرى : إنّ مطالبة الله سبحانه بأن يخلق مثله مطالبة للجمع بين حالات وصفات متضادّة ومتناقضة غير ممكنة الإجتماع في شيء واحد.
فبما أنّنا نفترض إمكان تعلّق القدرة به يجب أن يكون ممكناً لا واجباً ، حادثاً لا قديماً ، وعلى فرض الوجود متناهياً لا غيره.
وبما أنّ المطلوب هو خلق مثله يجب أن يكون ـ على فرض الوجود ـ واجباً لا ممكناً ، قديماً لا حادثاً ، غير متناه لا متناه.
وهذا جمع بين الامكان والوجوب والحدوث والقدم ، والمخلوقيّة والخالقيّة ، والتناهي واللاتناهي في شيء واحد ، وهو أمر محال قطعاً.
وبذلك تتبيّن الإجابة عن السؤال الثاني فإنّ عدم تعلّق القدرة بجعل العالم الفسيح العظيم الحجم في بطن البيضة الصغيرة ليس لقصور القدرة ، وعدم سعتها ، بل لأنّ المقترح أمر غير ممكن في حدّ ذاته ، ومستلزم للمحال ، إذ من جانب أنّ العقل يحكم بالبداهة بأنّ الظرف يجب أن يكون أكبر من مظروفه ، والمظروف أصغر من ظرفه ، ومن جانب آخر نطلب منه سبحانه شيئاً يكون الظرف فيه أصغر من مظروفه.
فعلى فرض التحقّق يلزم أن يكون شيء واحد في آن واحد بالنسبة إلى شيء واحد أصغر وأكبر وهو الجمع بين النقيضين ، الممتنع بالبداهة.
أمّا السؤال الثالث : فهو أيضاً محال أو مستلزم للمحال ، ففرض خلقه سبحانه شيئا لا يقدر على إفنائه فرض يستلزم المحال.
فبما أنّ الشيء المذكور أمر ممكن فهو قابل للافناء ولكنّه حيث قيّد بعدم الفناء يجب أن يكون واجباً غير قابل للفناء ، وهذا يعني أن يجتمع في ذلك الشيء حالتان متناقضتان هما : الإمكان والوجوب ، وإن شئت قلت : القابلية للفناء وعدم