وأوصافه وآثاره ، ولا مبدئ سواه ، إلاّ وهو ينتهي إليه ، فهو القائم على كل شيء من كل جهة ، القيام الذي لا يشوبه فتور وخلل ، وليس ذلك لغيره قط إلاّ بإذنه ومشيئته (١).
ثمّ إنّ كونه سبحانه قيّوماً وقائماً بكل شيء لا ينافي كون الموجودات الامكانية ذا آثار وخصائص وأفعال وأعمال تنسب إليها على وجه الاضطرار كالحرارة إلى النار أو على وجه الاختيار كالافعال الاختيارية للإنسان ، فإنّ قيام هذه الاُمور بآثارها وأفعالها ليس بنفسها وإنّما هي آثار لها باذنه سبحانه ومشيئته ، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ نسبة الوجودات الإمكانية إلى الواجب ، نسبة المعاني الحرفيّة إلى الاسميّة ، فلو غضّ النظر عن المعنى الاسمي فلا يبقى لها أثر في الذهن والخارج.
وبذلك يظهر أنّ اسم « القيّوم » اُمّ الأسماء الإضافية الثابتة له تعالى جميعاً والمراد منها الأسماء التي تدلّ على معان خارجة عن الذات كالخالق والرازق والمبدئ والمعيد والمحيي والمميت والغفور والرحيم والودود وغيرها.
وبعبارة اُخرى : إنّما هو اُمّ لصفاته الفعلية جميعاً.
ويقول الرازي : إنّ قوله الحي القيّوم كالينبوع لجميع مباحث العلم الالهي ولعلّه يشير بذلك إلى أنّ قيام الممكنات به يستلزم حضورها عنده ، وحضورها لديه يستلزم علمه به كما يستلزم تدبيره و ...
__________________
(١) الميزان : ج ٢ ، ص ٣٣٠.