بالوصيّة ، فإنّه يتعيّن الوفاء به مع خروج ما زاد عن اُجرته من الميقات من الثلث إجماعاً ، وإنّما الخلاف فيما لو أطلق الوصيّة أو عُلم أنّ عليه حجّة الإسلام ولم يوصَ بها.
والأقوى القضاء عنه من الميقات خاصّة؛ لأصالة البراءة من الزائد ، ولأنّ الواجب الحجّ عنه والطريق لا دخل لها في حقيقته ، ووجوب سلوكها من باب المقدّمة. وتوقّفه على مؤونة فيجب قضاؤها عنه ، يندفع بأنّ مقدّمة الواجب إذا لم تكن مقصودة بالذات لا تجب ، وهو هنا كذلك؛ ومن ثمَّ لو سافر إلى الحجّ لا بنيّته أو بنيّة غيره ثمّ بدا له بعد الوصول إلى الميقات الحجُّ أجزأ. وكذا لو سافر ذاهلاً أو مجنوناً ثم كمل قبل الإحرام ، أو آجر نفسه في الطريق لغيره ، أو حجّ متسكّعاً بدون الغرامة أو في نفقة غيره ، أو غير ذلك من الصوارف عن جعل الطريق مقدّمة للواجب. وكثيرٌ من الأخبار ورد مطلقاً في وجوب الحجّ عنه (١) وهو لا يقتضي زيادة على أفعاله المخصوصة.
والأولى حمل هذه الأخبار على ما لو عيّن قدراً. ويمكن حمل غير هذا الخبر (٢) منها على أمرٍ آخر (٣) مع ضعف سندها ، واشتراك «محمّد بن عبد اللّٰه» في سند هذا الخبر بين الثقة والضعيف والمجهول.
ومن أعجب العجب هنا أنّ ابن إدريس ادّعى تواتر الأخبار بوجوبه من البلد (٤) وردّه في المختلف بأ نّه لم يقف على خبر واحد فضلاً عن التواتر (٥) وهنا
____________________
١) اُنظر الوسائل ٨ : ٤٧ ، الباب ٢٦ ، والصفحة ٤٩ : الباب ٢٨.
٢) أي خبر أحمد بن أبي نصر.
٣) مثل ما لو ظهر من القرائن إرادته الحجّ من البلد ، أو صرّح به.
٤) السرائر ١ : ٥١٦.
٥) المختلف ٤ : ١٥.