وباعتبار هذين الزائدين يحصل الترجيح للفعل أو الترك ، فيكونان هما الإرادة والكراهة ، وهو المطلوب.
الثاني : انهما لو كانا نفس الداعي أو الصارف في حقنا ، لما وجد الداعي أو الصارف بدونهما ، والملازمة ظاهرة ، وأما بطلان اللازم فلانا نتصور منفعة الخير ـ وهو الداعي ـ ولا نفعله ، لعدم الإرادة ، ونتصور القبيح ـ وهو الصارف ـ ونفعله ، لعدم الكراهة ، فلا يكونان نفس الداعي والصارف ، وهو المطلوب.
وأما الثاني : وهو عدم الزيادة في حق الله تعالى ، فلانه لما امتنع عليه الظن والوهم ، لم تكن دواعيه وصوارفه الا علوما ، ولما كان الشوق والميل والنفرة من توابع القوى الحيوانية لم يتحقق [الزائد] في حقه تعالى.
وفيه نظر : لان التابع للقوى الحيوانية هو الميل والنفرة الطبيعيان ، والميل والانصراف هنا بحسب العقل ، وفرق بينهما ، لان أحدنا ينفر عن الدواء بطبعه ويميل إليه بعقله ، من حيث أنه علم أنه يزيل مرضه ، فلو كان الميل هنا بحسب الطبع ، لكان مائلا الى الشيء الواحد [و] نافرا عنه بحسب الطبع في الوقت الواحد ، وهو محال.
وكذلك الصائم الشديد العطش في الصيف يميل طبعه الى شرب الماء وينصرف عنه بعقله ، لما علم من حصول العقاب عليه ، فثبت أن الميل والانصراف اللذين نجدهما عند العلم باشتمال الفعل على المصلحة والمفسدة ليستا بحسب الطبع ، وانما هما بحسب العقل ، واذا كان كذلك جاز أن يكون مريدا (١) بهذا المعنى بل الحق انهما انما يكونان زائدين في حقنا ، وأما في حقه تعالى فلا ، لما يجيء من كون صفاته عين ذاته.
وهل إرادة الشيء نفس كراهة ضده أم هي مستلزمة لكراهة ضده؟ المختار
__________________
(١) فى «ن» : زائدا.