على سبيل الحمل (١) تنبيها عليهما : بأن اللذة ادراك الملائم من حيث هو ملائم ، والالم هو ادراك المنافي من حيث هو منافي.
وشرطنا الحيثية في القسمين ، وذلك لان ادراك الصوت الطيب والصورة الحسنة من حيث أنهما موجودان أو محدثان ، أو من حيث العرضية أو الجسمية لا يوجب لذة. وادراك الضرب مثلا من حيث أنه موجود أو عرض حادث لا يوجب ألما ، بل الموجب للذة والالم هو ادراك متعلقهما من حيث هو ملائم أو منافي.
ثم ان هذه المنافاة والملائمة تختلف بالقياس الى الاشخاص ، بحيث يكون الشيء الواحد ملائما لشخص ومنافيا لآخر. ولذلك عرفهما الشيخ في الاشارات : بأنّ اللذة ادراك ونيل لما هو خير وكمال من حيث هو خير وكمال بالنسبة الى المدرك والنائل ، والالم ادراك ونيل لما هو شر وآفة في القابل (٢).
ثم ان ذلك الادراك قد يكون حسيا ، فيكون الالم واللذة حسيين ، كالادراك بالحواس الظاهرة ، وقد يكون عقليا ، فيكونان عقليين بالنسبة الى المدرك ، فان ادراك الكمال يوجب اللذة ، وادراك النقصان يوجب الالم وهو وجداني ، والكمال والنقصان يتفاوتان بحسب تفاوت مراتب الادراك.
ولمّا كان كمال القوة العقليّة ادراك المعقولات ، وهو أقوى من ادراك المحسوسات ، فان غاية الحس ادراك ظواهر الاجسام والسطوح ، وهو قابل للتغير والتبدل ، بخلاف العقل فانّه يدرك الشيء باطنا وظاهرا ، ويفصله الى أجزائه وذاتياته وعوارضه والى جنسه وفصله ، فيكون ادراكه أتم و [فيكون] أقوى فكانت اللذة العقلية أقوى من الحسية ، والمنكر لذلك من المتكلمين مكابر.
__________________
(١) فى «ن» : الجملة.
(٢) فى «ن» : وآفة بالنسبة الى المدرك والنائل.