فالقديم فسره المتكلمون بأمرين متلازمين : أحدهما ما لا أول لوجوده ، وثانيهما ما لا يسبقه العدم ، وكذا المحدث أما الّذي لوجوده أول أو الّذي سبقه العدم.
فالقديم عند أصحابنا والمحققين من المعتزلة كأبي الحسين هو الله تعالى لا غير ، وخالف في ذلك جماعة ، فعند الاشاعرة هو الله تعالى وصفاته ، وعند مثبتي الاحوال هو الله وأحواله الخمسة كما يقوله أبو هاشم ، وعند الفلاسفة هو الله والعالم بجملته.
وعند الحرنانيون خمسة : اثنان حيان فاعلان هما الله تعالى والنفس ، وواحد منفعل غير حي هو الهيولى ، واثنان لا حيان ولا فاعلان ولا منفعلان هما الدهر والخلاء [يق].
والحق خلاف هذا كله ، لما يأتى من دلائل التوحيد والدلالة على كون جميع ما عداه محدثا.
والمحدث هو عندنا ما عدا الله سبحانه ، وعند الاشاعرة والمثبتين ما عدا الله وصفاته ، وعند الحرنانيون ما عدا الخمسة.
أما الحكماء فيفسرون الحدوث بأعم مما فسره المتكلمون وتقرير كلامهم أن نقول : قالوا : تفسير الحدوث كما ذكرتموه انما يتأتى بالنسبة الى بعض أجزاء العالم ، ولا يتأتى بالنسبة الى كل واحد واحد من أجزائه ولا بالنسبة الى كل العالم ، أما الاول فهو أنه لا يتأتى بالنسبة الى كل واحد واحد من أجزاء العالم ، فلان سبق الشيء على الشيء يقال على خمسة معان :
الاول : السبق بالعلية كسبق حركة الاصبع على حركة الخاتم ، فانا نتصور حركة الاصبع أولا ثم تتبعها حركة الخاتم وان وجدا في الزمان معا.
الثاني : السبق بالذات ويقال له السبق بالطبع أيضا ، كسبق الشرط على