وجوده بوقته وشكله بما هو عليه يفتقر الى مخصص ، لما عرفت من استحالة التخصيص من غير مخصص ، فذلك المخصص لا جائز (١) أن يكون هو القدرة ، لان شأنها الايجاد من غير تخصيص بوقت أو وصف ، والا لما صح الفعل في غير ذلك الوقت ، أو على غير ذلك الوصف. ولا العلم ، والا لما صح الفعل في غير ذلك الوقت ، أو على غير ذلك الوصف. ولا العلم ، لان العلم تابع للمعلوم بمعنى أنه يستفاد منه ، فان كون الناطق مأخوذ من علمنا بالانسان لاجل أنه في الواقع كذلك ، لا أنه كذلك لاجل علمنا به.
واذا كان تابعا لا يكون مخصصا ، لان المخصص متقدم والتابع متأخر. ولا باقي الصفات ، وذلك ظاهر فبقي أن يكون المخصص أمر آخر وهو الإرادة.
وهنا نظر : فان كون العلم تابع انما يتم في العلم الانفعالى المستفاد من الاعيان الخارجية لا العلم الفعلي ، وعلم الله من القسم الثاني ، وحينئذ يكون متقدما ، فجاز أن يكون مخصصا ، وهو العلم باشتمال الفعل على المصلحة.
قوله «وهل الإرادة في حقه تعالى» الخ ، قد تقدم في باب الاعراض تحقيق هذا المقام ونقول هنا : ذهب أبو الحسين [البصري] الى أن ارادته تعالى هي علمه بالمصلحة ، لان هذا المعنى صالح للتخصيص ، وكلما صلح للتخصيص فهو إرادة لها.
أما الصغرى فلان العلم بالفعل المشتمل على المصلحة أو المفسدة المعينة مخصص ومميز له عن باقي الافعال وذلك ظاهر.
وأما الكبرى فلانا انما احتجنا الى اثبات الإرادة لاجل تخصيص الافعال وتميزها ، بحيث يوقعها الفاعل على حال دون حال ، وقد صلح العلم المذكور للتخصيص ، فيكون هو الإرادة.
__________________
(١) فى «ن» : لا يجوز.