عنه غيره ، لاستحالة انفعاله عن الغير ، فلا جزء له ، فلا جنس له ولا فصل له ، فلا حدّ له.
ولا يكون واجبا لذاته ولغيره معا ، لان وجوبه بذاته يستدعي استغناؤه عن غيره ، ووجوبه لغيره يستدعي افتقاره إليه ، فيكون واجبا مفتقرا معا وهو محال.
أقول : هذا البحث فيه مسائل :
الاولى : أنه ليس بمركب بوجه ما من الوجوه ، سواء كان التركيب خارجيا كالاجسام المركبة من الجواهر الافراد ، أو ذهنيا كتركيب الماهية من الجنس والفصل ، فان الجنس انما يتميز عن الفصل في الذهن ، أما في الخارج فهما واحد ، اذ ليس في الخارج حيوان مطلق [و] ناطق مطلق ، وانضم منهما معنى ثالث هو الانسان ، بل وجود الانسان هو وجود الحيوان الذي ذلك الحيوان هو الناطق.
فكل مركب يلتم من عدة أمور ، ويكون وجوده انما يتم بوجود تلك الامور ، فوجود الجزء سابق على وجود الكل خارجا وذهنا ، لمطابقة الذهن الخارج.
اذا تقرر هذا فنقول : لو كان تعالى مركبا لكان مفتقرا الى جزئه وجزؤه غيره ، فيكون مفتقرا الى غيره ، فيكون ممكنا ، هذا خلف.
الثانية : أنه يستحيل أن يتركب عنه غيره ، بمعنى أن يكون هو جزء من غيره ، والدليل على ذلك أنه لو كان جزءا من غيره لكان منضما الى الغير ، قابلا معه للصورة الاجتماعية الحاصلة لهما ، فيكون منفعلا ، والانفعال عليه تعالى محال.
الثالثة : انه لا جنس له ولا فصل له ، لانه تقرر أنه غير مركب ، واذا لم يكن مركبا لم يكن له جزء ، واذا لم يكن له جزء لم يكن له جنس ولا فصل ، لانهما