والممتنعات ليس لها صورة محققة في ذاتها ، بل هي معقولة بالقياس الى الغير وعن الثاني بالمنع من ذلك ، لانا شرطنا في الالم كما تقدم الادراك والنيل ، وهو تعالى وان كان مدركا للعدم لكنه ليس بنائل له ، فلا يكون متألما بادراكه.
وأما اللذة فقد استدل على نفيها بوجهين :
الاول : أنه لو كان ملتذا ، فلذّته اما أن تكون قديمة أو حادثة ، والقسمان باطلان ، فكونه ملتذّا باطلا. أما الاول فلانها لو كانت قديمة لزم وجود الملتذ به قبل وجوده ، وذلك لان اللذة داعية الى تحصيل الملتذ به ، فانا نعلم ضرورة أن كل ذي لذة فان لذته تدعوه الى ايجاد الملتذ به ليحصل استمرارها ، فلذته داعية حينئذ ، وهي قديمة لانه التقدير ، وقدرته قديمة. واذا كان الداعي والقدرة قد يمين كان الفعل قديما ، لان انضمام الداعي الى القدرة يوجب وجود الفعل فيكون الملتذ به موجودا أزلا ، لكنه فعل الله تعالى بالاختيار ، فيكون حادثا ، فلا يكون موجودا أزلا ، فيلزم وجوده قبل وجوده. وأما الثاني فلاستحالة كونه محلا للحوادث.
الثاني : اجماع المسلمين على ذلك ، وهو حجّة هنا لعدم توقّفه على نفيها.
وفي الوجه الاول نظر فان الخصم لم يقل أنه ملتذ بشيء مغاير لذاته حتى يلزم وجوده قبل وجوده ، بل يقول انه ملتذ بذاته لعلمه بذاته على الوجه الاكمل كما تقررناه ، وذلك لا ينفيه ما ذكرتم.
ثم قال المصنف في المناهج : يظهر عندي أنه لا فرق في المعنى بين قول الاوائل والمتكلمين ، وأن دعوى المتكلمين حقة ، ودعوى الاوائل حقة ، وما أجمع عليه المسلمون حق غير أن اسم اللذة لا يطلق عليه تعالى ، لان أسماؤه توقيفية ولم ترد هذه اللفظة في الشرع.