النقيضين ، ولان الكذب يحسن اذا اشتمل على تخليص النبي ، أو على الصدق كمن يقول «أنا أكذب غدا».
ولانه تعالى كلف الكافر بالايمان مع علمه بعدم صدوره عنه ، ولانه تعالى كلف أبا لهب بالايمان ، وهو تصديق الله تعالى في جميع ما أخبر به ، ومن جملته أنه لا يؤمن.
والجواب بمنع المقدمتين في الاول ، وحسن التخليص لا يقتضي حسن الكذب ، فالاخبار المشتمل على الكذب من حيث أنه كذب قبيح ، ومن حيث اشتماله على التخلص حسن ، فما هو قبيح لا ينقلب حسنا ، وبالعكس. وكذا الوعد بالكذب حسن من حيث اخراج الوعد عن الكذب ، وقبيح من حيث هو كذب. والعلم غير مؤثر في القدرة ، واخباره عن أبي لهب بأنه لا يؤمن وقع بعد موته.
أقول : ذكر الاشاعرة على سبيل المعارضة لادلة أهل العدل ، بأن منعوا المدلول ، واستدلوا على نفيه بوجوه :
الاول : لو كان الحاكم بالحسن والقبح هو العقل ضرورة ، لما حصل التفاوت بين هذه القضايا وغيرها من الضروريات ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
أما بيان الملازمة : فلان الضروريات لا تفاوت بينها ، بل الجزم فيها واحد والا لجاز النقيض ، فلا تكون ضرورية ، هذا خلف.
وأما بطلان اللازم : فلانا نجد تفاوتا بين الحكم بحسن الصدق والحكم بكون الكل أعظم من الجزء ، واستحالة اجتماع النقيضين ، فانا نتردد في الاول ونشك فيه دون الثاني. وأيضا لكان يجب على العقلاء الاتفاق فيه ، والخلاف ظاهر.
الثاني : لو كان حسن الحسن وقبح القبيح ذاتيا لهما ، لما جاز أن ينقلب