لكنهم يقولون : [ان] الجوهر أعم من المتحيز وغير المتحيز ، وتقرير القسمة على رأيهم أن الممكن اما أن يكون موجودا في موضوع ، وهو العرض ، والمراد بالموضوع هو المحل المقوم لما يحل فيه ، أو يكون موجودا لا فى موضوع ، وهو الجوهر.
ثم الجوهر اما أن يكون حالا في محل ، أو مركبا من (١) الحال والمحل أولا حالا ولا محلا ولا مركب منهما.
اما الحال فهو الصورة وهو الجوهر المقوم لما يحل فيه. وأما المحل فهو المادة ، وهو الجوهر المتقوم بما يحل فيه.
وأما المركب من الحال والمحل فهو الجسم والمركب من المادة والصورة وأما الذي ليس بحال ولا محل ولا مركب منهما فهو الجوهر المجرد ، وهذا ينقسم قسمين : لانه اما أن يكون له تعلق بالاجسام ، [أي تعلق تدبير] وهو النفس أولا وهو العقل.
فقد ظهر من هذه القسمة كون الجوهر أعم من المتحيز ، والمتكلمون حيث نفوا الجواهر المجردة ، لزم الانحصار فيما ذكروه.
واستدلوا على نفي المجردات : بأنها لو كانت ثابتة موجودة ، لكانت مشاركة لله تعالى في التجرد الذي هو أخص صفاته ، فيحتاج حينئذ الى مميز يميزه عنها وما به المشاركة غير ما به الممايزة ، فيلزم التركيب وهو محال.
أجيب : بأن الاشتراك في الامور العارضة لا يوجب التركيب ، خصوصا اذا كانت أمورا سلبية ، والمشترك هنا سلبي ، وهو أنه ليس بمتحيز ولا حالا في المتحيز [و] قال بعض الفضلاء : الاولى الاعتماد في نفي الجواهر المجردة على النقل ، اذ العقل لا يجزم بثبوتها ولا انتفاؤها ، وصدق الرسول لا يتوقف على انتفائها فجاز نفيها بقوله :
__________________
(١) فى «ن» منهما.