وأما الملازمة : أي اذا وجبت التكاليف السمعية وجبت البعثة ، فلانها انما تعلم من جهة الرسول ، فيكون العلم بها متوقفا على البعثة ، وكل ما يتوقف عليه الواجب فهو واجب ، فالبعثة واجبة.
ان قلت : معرفة الله تعالى متقدمة على ثبوت الرسالة المتقدمة على التكليف السمعي ، فلا يكون التكليف السمعي لطفا فيها ، والا لزم تقدم الشيء على نفسه بمراتب.
قلت : المتقدم فيما ذكرتم هو العلم بوجود الرسل والملطوف فيه هو العلم بصفاته الكمالية والجلالية ، وأحدها (١) غير الاخر فلا يلزم الدور ، سلمنا لكن المعرفة متقدمة طبعا ، ولا يلزم من وجوبها جواز (٢) أن يكون مقلدا في المعارف العقلية مواظبا على التكاليف السمعية ، فتؤديه تلك المواظبة الى العلم بالمعارف العقلية.
سلمنا لكن نقول : ان مرادنا بالتكليف السمعي هو ما أمر به النبي (صلىاللهعليهوآله) ، وبالتكليف العقلي هو ما أمر به العقل. فقولنا «التكليف السمعي لطف» معناه : أن أمر الرسول لطف في ايقاع ما أمر به العقل ، لان الرسول اذا أمر بما أمر به العقل كرد الوديعة وشكر المنعم ، يكون ذلك مكلفا به سمعا وعقلا ، وأمر الرسول يكون مقربا الى الطاعة فيكون لطفا.
سلمنا لكن العلم بالواجبات العقلية وان كان متقدما بالطبع على الواجبات السمعية ، لكن نمنع تقدمه عليها في الوجود الخارجي مطلقا ، وذلك لان العقل لانغماره في الملابس البدنية والامور الطبيعية قد لا يتنبه لتلك المعارف ولا يهتدي
__________________
(١) فى «ن» : وأحدهما.
(٢) فى «ن» : ولا يلزم منه وجوبها لجواز الخ.