الثالث : كونه مطابقا للدعوى ، فانه لو لم يكن مطابقا للدعوى لم يكن دليلا مثل أن يدعو غزارة ماء البئر فيغور ماءها ، وكلاهما خارق للعادة لكنه غير مطابق كما اتفق لمسيلمة.
الرابع : كونه مقرونا بالتحدي ، والتحدي هو المماراة والمنازعة ، يقال : تحديت فلانا اذا ماريته ونازعته في الغلبة ، والمراد به هنا هو أن يقول لامته : ان لم تتبعوني فأتوا بمثل ما أتيت به. وذلك يخرج به الارهاص ، وهو الاتيان بخارق العادة انذارا بقرب بعثة نبي تمهيدا لقاعدته ، فانه غير مقرون بالتحدي ، وكذلك الكرامات فانها غير مقرونة بالتحدي ، وكذا من يدعي معجزة غيره كاذبا.
الخامس : كونه يتعذر على الخلق الاتيان بمثله ، وذلك لانه لو لم يتعذر عليهم لم يعلم أنه فعل الله ، فلا يكون دالا على التصديق ، وذلك كالشعبذة والسحر.
ثم التعذر : تارة يكون في جنسه ، أي في كل جزء من جزئياته ، اذا أخذ لا يكون مقدورا للبشر ، كخلق الحياة فان خلقها لا يمكن الا لله سبحانه ، وتارة يكون في صفته ، كقلع مدينة ، فان القلع ممكن بحسب جنسه ، اذ من جزئياته ما هو مقدور للبشر كقلع شجرة وخشبة ، وأما القلع بهذه الصفة وهو كونه قلع مدينة لا يمكن الا لله تعالى ، وكذلك الحركة الى السماء ، فان جنس الحركة مقدور أما كونه الى السماء فغير مقدور.
ثم المعجز له شروط :
الاول ـ أن يعجز عنه أو عما يقاربه الامة المبعوث إليها.
الثاني ـ أن يكون من قبل الله تعالى أو بأمره.
الثالث ـ أن يكون في زمان التكليف ، لان العوائد تنتقض عند اشتراط