نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (١) فلما لم يأتوا بشيء قال (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(٢).
وأما أنهم عجزوا عن معارضته فلانه سألهم اما الاسلام أو يأتون بمثله ، فلم يقبلوا الاسلام فألزمهم الاتيان بمثله لا غير ، فعدلوا عن ذلك الى الحرب والمشاققة الذين فيهما ذهاب النفس (٣) وسبي [النساء و] الذراري ونهب الاموال ، وذلك صعب خطر جدا لا ينكره عاقل ، والاتيان بمثله كان أسهل الاشياء عليهم ، فعدولهم عن ذلك الامر الاسهل الى هذا الامر الاصعب مع علمهم بما في الاصعب من الآلام والمكاره ، دليل على عجزهم عن المعارضة ، اذ العاقل لا يختار الاصعب الا مع عدم انجاع الاسهل ، فان غرضهم كان ابطال مقالته ، وكان ذلك يتم بالمعارضة من غير افتقار الى المحاربة التي لا تفيد في ابطال مقالته شيئا ، بل انتجت عليهم ما انتجت.
وأما أنه على ذلك التقدير يكون معجزا ، فلانطباق تعريف المعجز عليه ، فانه خارق لعوائدهم في الكلام المغاير أسلوبه لاساليب كلامهم ، وقد بينا عجزهم عن معارضته ، فيكون معجزا.
الثاني : أنه ظهر عنه أمور خارقة للعادة فمنها : نبوع الماء من بين أصابعه حتى اكتفى الخلق الكثير من الماء القليل ، وذلك بعد رجوعه من غزاة تبوك (٤).
ومنها : عود ماء بئر الحديبية لما استقاه أصحابه بالكلية فيبست ، فدفع
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣.
(٢) سورة الاسراء : ٨٨.
(٣) فى «ن» : الانفس.
(٤) بحار الانوار : ١٨ / ٢٥.