والجواب عن الاول : بمنع الحصر ، فانه جاز أن يكون مصلحة في وقت ومفسدة في آخر ، أو مصلحة بالنسبة الى شخص ومفسدة بالنسبة الى آخر ، فيأمر به في وقت كونه مصلحة وينهى عنه في وقت كونه مفسدة. وذلك كالمريض فانه يعالج في وقت بما استحال معالجته به قبله ، وحينئذ يكون النسخ جائزا.
وعن الثاني : بالمنع من صحة الخبر ، فانه مختلق اختلقه لهم ابن الراوندي سلمنا لكن نمنع من تواتره ، بل هو من الآحاد المفيدة للظن ، والمسألة علمية وذلك لانهم كانوا مجتمعين في الشام الى أن قتل بختنصر البابلي أكثرهم الا أناسا قليلين ، لا يفيد قولهم التواتر.
وبعث بختنصر الى اصفهان ، ولم يكن وصل منهم أحد الى العجم قبل ذلك ، فبنوا بها المدينة المعروفة باليهودية : والذي يشهد لنا بعدم تواترهم أن التوراة بعد واقعة بختنصر صارت ثلاث نسخ مختلفة : احداها في أيدي القرابين والربانيين. وثانيها في أيدي السامرة. وثالثها النسخة المعروفة بتوراة السبعين الذي اتفق عليها سبعين حبرا من أحبارهم ، وهي التي في أيدي النصارى.
وهذه النسخة مختلفة في التواريخ والاحكام الشرعية ، ولو كان لهم تواتر لما حصل هذا الاختلاف.
سلمنا لكن لفظ «التأبيد» ليس نصا على الدوام ، بل هو محتمل له وللامد الطويل ، ويدل على ذلك ما ورد في التوراة من قصة الفضيح فانه جاء في السفر الثاني من التوراة : قربوا إليّ كل يوم خروفين خروفا غدوة وخروفا عشية بين المغارب قربانا دائما لكم لاحقا لكم.
ثم ان علماؤهم حكموا بان هذا الحكم منقطع. وجاء فيها : يستخدم العبد ست سنين ثم يعرض عليه العتق فان أبى ثقبت أذنه واستخدم أبدا. ثم