الثاني : أنه لو كان جزءا للماهيات ، لكان سابقا عليها ، اذ الجزء سابق على الكل في الوجودين واللازم كالملزوم في البطلان ، وهو بين. اذا عرفت هذا فاعلم :
أن المصنف اختار الزيادة ، كما هو مذهب المعتزلة والاشاعرة ، لكن في حق الممكنات ، لانه سيصرح فيما بعد بأن وجود الواجب عينه ، كما هو رأي الحكماء.
واستدل على ذلك بأنه لو لم يكن الوجود زائدا على الماهية ، للزم انتفاء فائدة الحمل ، أو خلاف فائدته ، واللازم بقسميه باطل ، فالملزوم ـ وهو كونه ليس زائدا ـ مثله في البطلان.
أما بيان الملازمة : فلانا نحكم على الماهية بأنها موجودة تارة ، وبأنها معدومة أخرى ، ونستفيد من الحكم الاول اثبات الوجود للماهية ، وذلك انما يتم على تقدير الزيادة ، فانه لو كان نفسها لكان قولنا «الماهية موجودة» بمنزلة قولنا «الماهية ماهية» ، اذ الفرض أنه نفسها ، فلا فرق في ايراد أيهما كان في العبارة. لكن قولنا «الماهية ماهية غير مفيد» لانه حمل الشيء على نفسه.
كما تقول «الانسان بشر» ، فلو لم يكن زائدا لما حصلت الفائدة ، لكنها تحصل ، فيكون زائدا. أو نستفيد من الحكم الثاني ـ وهو (١) قلنا «الماهية معدومة» ـ الحكم على الماهية بالعدم ، ولو كان الوجود نفس الماهية استفدنا التناقض.
وبيان ذلك : أنه اذا كان الوجود نفسها يكون قولنا «الماهية معدومة» بمنزلة قولنا الماهية ليست ماهية ، لان اثبات العدم للشيء سلب الوجود عنه.
__________________
(١) في «ن» : فى.