هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما (١).
الثانية : أن المراد بالمنزلة هنا جميع المنازل الا النبوة ، والدليل عليه هو أنه ليس مراده منزلة واحدة ، وكلما كان كذلك كان المراد جميع المنازل ، أما الاول فلانه استثنى منه ، ولا شيء من الواحد بالشخص بمستثنى منه ، لاجماع أهل العربية على وجوب كون المستثنى منه أمرا متعددا.
أما الثاني فلوجوه :
الاول : أن الناس قائلان : قائل أن المراد منزلة واحدة ، وهو خلافته في حياته. وقائل أن المراد جميع المنازل ، فالقول بأنه ليس المراد منزلة واحدة ولا جميع المنازل خارق للاجماع.
الثاني : أنه لو لم يكن المراد جميع المنازل لما حسن الاستثناء ، لان الاستثناء اخراج ما لولاه لدخل كالعدد ، وحيث لا اخراج لم يكن استثناء حقيقة ، بل مجازا ، والا لزام الاشتراك وهو خلاف الاصل.
الثالث : أنه لو لم يكن المراد الجميع لزم الاجمال وعدم فهم مراد الحكيم من اللفظ ، واللازم باطل فكذا الملزوم ، بيان الملازمة : أنه لما تبين عدم إرادة المنزلة الواحدة وجب إرادة جميع المنازل ، لان حمله على بعض المنازل المعينة دون بعض ممتنع ، لعدم اشعار اللفظ بذلك البعض ، فبقي أن يحمل على بعض غير معين ، وهو اجمال من غير معين ، وهو ممتنع على الحكيم.
المقدمة الثالثة : أن هارون لو عاش بعد موسى عليهالسلام لكان خليفة له لوجوه :
__________________
(١) البخاري في صحيحه : ٥ / ١٢٩ و ٤ / ٢٠٨ ، ومسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧٠ و ١٨٧١. وكذا في ٢ / ٩١ ط محمد على صبيح بمصر.