وذلك دليل على معرفته بجميع الشرائع ، ولم يحصل لغيره من الصحابة ذلك ، بل قال أبو بكر يوم السقيفة : «وليتكم ولست بخيركم وعلي فيكم ، فان أحسنت فاعينوني ، وان أسأت فقوموني ، ان لى شيطانا يعترينى» (١) فاستدل أنت بكلامهما على الفرق بينهما.
اعترض أبو هاشم الجبائي على قوله عليهالسلام «فحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم» الى آخره : بأن هذه الكتب منسوخة فكيف يجوز الحكم بها؟
والجواب : المراد أنه متمكن من تفاصيل أحكامها كما أنزلت ، وبيانها لمن له العمل بها بعد أداء حق الجزية ، أو المراد بيان أحكامها وما نسخه القرآن منها وما لم ينسخه ، أو المراد استخراج المواضع الدالة على نبوة نبينا محمد صلىاللهعليهوآله.
الثاني : قوله عليهالسلام : «بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الارشية في الطوى البعيدة» (٢) ، وقوله «ألا ان هاهنا ـ وأشار الى صدره ـ لعلما جما لو بحت به أصبت له حملة» (٣).
الثالث : قوله عليهالسلام : «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» (٤) وقوله : «سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن طرق السماء فاني أعلم بها من طرق الارض» (٥) الى غير ذلك من أقواله ، ومن تتبع كلامه (صلوات الله عليه) وجد أكثر من ذلك.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير في تاريخه : ٢ / ٤٤٠ وابن سعد في طبقاته : ٣ / ١٢٩ وابن قتيبة فى الامامة والسياسة : ٦. وكنز العمال. ٣ / ١٣٦.
(٢) نهج البلاغة : ٥٢ الخطبة الخامسة واحقاق الحق : ٧ / ٦٠٤.
(٣) راجع احقاق الحق : ٧ / ٦٠٣.
(٤) راجع احقاق الحق : ٧ / ٦٠٥ ـ ٦٠٧.
(٥) نهج البلاغة : ٢٨٠.