الى آخره.
القسم الثالث : أن لا يكون جسما ولا جسمانيا ، بل جوهر مجرد غير متحيز ولا حال في المتحيز ، متعلق بهذا البدن ليس تعلق الحول فيه ، بل تعلق التدبير له ، كتعلق العاشق بمعشوقه والملك بمدينته. وهو مذهب جمهور الفلاسفة ، ومن المتكلمين أبو القاسم الراغب ومعمر (١) بن عباد السلمي من المعتزلة والغزالي من الاشاعرة وأبو سهل بن نوبخت والمفيد محمد بن محمد بن النعمان من الامامية والمحقق الطوسي (رحمهمالله).
والمشهور هو هذا المذهب ومذهب الاجزاء الاصلية ، اذ ما عدا هذين المذهبين منها ما هو غير مشهور ومنها ما هو ظاهر البطلان ، فلنذكر ما احتج به أهل هذين المذهبين فنقول :
احتج القائلون بالاجزاء : بأنه لو كان الانسان عبارة عن المجرد لما أمكن الحكم عليه بدون معرفة المجرد ، واللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة : فلاستحالة الحكم على الشيء مع الجهل به.
وأما بطلان اللازم : فلانا نحكم على ذواتنا بالافعال ، كالمجيء والذهاب [والتأثير] والتأثر وغير ذلك ، ونحكم عليها بالصفات النفسانية كالقدرة والعلم والادراك والذكاء والشجاعة والسخاء وغير ذلك من الصفات أحكاما صادقة مع عدم شعورنا بالمجرد ، فلو كان الانسان عبارة عن المجرد لما أمكن حصول تلك الاحكام حال الجهل به وهو ظاهر.
وهذا الدليل على تقدير تمامه يدل على نفي المجرد لا غير ، ولا يدل على نفي باقي الاقوال فيفتقر الى تتميم.
فنقول : أما ما عدا القول بالهيكل فيدل على بطلانها قياس هكذا من الشكل
__________________
(١) فى «ن» : عمر.