الثاني : لا شيء مما ذكروه يرجع إليه شيء مما ذكرنا من الاحكام ، وكل انسان يرجع إليه تلك الاحكام ، ينتج : لا شيء مما ذكروه بانسان ، وهو المطلوب ، والمقدمتان ظاهرتان.
واما الهيكل المحسوس فيدل على بطلانه هو أنه يتغير ويتبدل ويزيد وينقص ، والانسان في جميع الاحوال واحد ، فلا يكون هذا الهيكل بأجمعه. ثم هذا الهيكل يشتمل على أجزاء تتبدل وتتغير وأجزاء لا يتبدل ولا يتغير ، فليس الانسان عبارة عن الاول ، لما قلناه في الهيكل ، فيكون عبارة عن الثاني ، وهو المطلوب.
واحتج الفلاسفة ومن قال بمقالتهم : بأن الانسان يعلم معلومات غير منقسمة ، فيكون علمه بها غير منقسم ، فمحل علمه غير منقسم ، وكلّ جسم وجسماني منقسم ، ينتج : أن محل العلم الذي هو الانسان ليس جسما ولا جسمانيا ، وهو المطلوب.
فقد اشتمل هذا الدليل على أربع مقدمات لا بد من بيانها بالبرهان :
المقدمة الاولى : أن هاهنا معلوما غير منقسم وهو ظاهر لوجوه :
الاول : أن واجب الوجود معلوم ، وهو غير منقسم.
الثاني : المعلوم اما أن يكون له جزء أولا ، فان كان الثاني فهو بسيط ، فيكون غير منقسم ، وان كان الاول فيستحيل معرفته الا بعد معرفة أجزاءه ، اذ الجزء سابق على الكل في الوجودين ، وذلك الجزء غير منقسم ، فيكون هناك معلوم غير منقسم.
الثالث : أن الخط موجود بالاتفاق ، والنقطة طرفه وهي غير منقسمة بالاتفاق ، وهي معلومة فيكون هناك معلوم غير منقسم.
الرابع : أن الوحدة متصورة ، وهي غير منقسمة ، فيكون هناك معلوم غير منقسم.
المقدمة الثانية : أن العلم بغير المنقسم يجب أن يكون غير منقسم ، وذلك