لانه لو انقسم لكان كل جزء من أجزاءه ، اما أن يكون علما بذلك المعلوم ، أو بشيء من أجزائه ، أولا يكون علما بذلك المعلوم ولا بشيء من أجزائه ، والاقسام الثلاثة [بأسرها] باطلة ، وهي لازمة على تقدير كونه منقسما ، فلا يكون منقسما ، وهو المطلوب.
أما بطلان القسم الاول : وهو أن يكون ذلك الجزء علما بذلك المعلوم ، فلانّه يلزم منه مساواة الجزء للكل ، وهو محال ، اذ الجزء مغاير لكله ، وهو ظاهر.
وأما الثاني : فلاستلزامه ثبوت الجزء لذلك المعلوم الذي فرضناه غير منقسم ، وهو محال.
وأما الثالث : فلانه اذا لم يكن علما بذلك المعلوم ولا بشيء منه ، فعند اجتماع الاجزاء اما أن يحصل أمر باعتباره يحصل العلم بذلك المعلوم أولا ، فان كان الثاني لم يكن ما فرضناه علما بذلك المعلوم علما به ، لان أجزاءه ليست علما به ولم يحصل أمر آخر يقتضي العلم به ، فلم يكن حينئذ علما به أصلا ، والفرض أنّه علم ، هذا خلف. وان كان الاول كان ذلك الحاصل هو العلم بالحقيقة ، اذ الوقوف على المعلوم انما يحصل (١) به والتركيب الذي فرض يكون اما من قابل العلم ان كان ذلك الزائد قائما بالاجزاء ، أو فاعله ان كان حاصلا من الاجزاء ، والفرض أن التركيب في العلم ، هذا خلف.
المقدمة الثالثة : أن محل ذلك العلم الغير المنقسم يجب أن يكون غير منقسم ، لانه لو انقسم لكان العلم اما أن لا يكون حالا في شيء من أجزاءه ، وهو خلاف الفرض ، أو يكون حالا في واحد من أجزاءه وننقل الكلام إليه ونقول كما قلنا في الاول ويتسلسل ، أو يكون حالا بتمامه في كل واحد واحد من
__________________
(١) فى «ن» : حصل.