أنه لا تمايز بين العدمات (١) ، لان التميز عبارة عن ثبوت صفة لشيء ليست ثابتة لشيء آخر ، وثبوت الصفة يستدعي ثبوت الموصوف ، ولا شيء من العدم بثابت كما تقدم ، فلا يكون متميزا ، فلا يكون متعددا ، فيكون واحدا ، وهو المطلوب.
وأما المقدمة الثانية : فلانه اذا كان العدم واحد ، مع أنه نقيض الوجود فيلزم (٢) أن يكون الوجود واحدا أيضا ، لانه لو لم يكن واحدا لكان متعددا.
وحينئذ لا تنحصر القسمة في قولنا «الشيء أما موجود أو معدوم» لطلب العقل قسما آخر ، وهو كونه موجودا بوجود آخر غير ذلك الوجود ، لكنا نعلم بالضرورة أن العقل يجزم بانحصاره في أحدهما ولا يطلب قسما آخر ، فعدم طلبه قسما آخر يدل على عدمه ، فيكون الوجود معنى واحدا وهو صادق على كثيرين ، فيكون مشتركا [في ذلك] وهو المطلوب.
ان قلت : لا نسلم أن النفي أمر واحد ، بل لكل أمر نفي يخصه ، كما أن لكل أمر وجود يخصه ، والترديد يقع بينهما هكذا : هذا الشيء اما أن يكون موجودا بوجوده الخاص به ، أو يكون ذلك الوجود منتفيا عنه. وذلك هو سلبه الخاص به ، ولا يبطل الحصر حينئذ.
قلنا : سلمنا أن عدم كل ماهية مقابل لوجودها الخاص بها ، لكن العدم المطلق مقول على ذلك الخاص وعلى غيره ، فيكون مشتركا ، فلا بد من وجود مشترك يقابله ، ويصح أن يحكم به على كل وجود خاص ، وهو المراد بقولنا «الوجود عام مشترك» ويكون الترديد المذكور حينئذ هكذا : الشيء اما أن يكون موجودا بالوجود المطلق ، أو بالعدم. الى آخر البحث.
__________________
(١) فى «ن» : المعدمات.
(٢) فى «ن» : فيجب.