حتى يعيدها على ذلك الوجه. ولتوقف المعاد على هاتين المقدمتين توقفا ظاهرا فانه سبحانه حيث ما تقرر المعاد البدني في القرآن بعدها (١) بين المقدمتين كقوله (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٢) فقوله (الَّذِي أَنْشَأَها) اشارة الى القدرة ، لاستلزام الانشاء ذلك ، الى غير ذلك من الآيات ، وهو معلوم لمن تدبر الكتاب العزيز واستقراء آياته.
اذا تقررت هذه المقدمات فنقول : اما أن نقول بأن [جميع] الاجزاء لم تعدم بل تفرقت الاجزاء فامكان اعادتها بعد ثبوت هذه المقدمات ظاهر ، لان جمعها بعد تشتتها وتفرقها لا شك في امكانه كابتداء خلقها ، فيكون تعالى قادرا عليه. واما أن نقول بعدمها وامكان اعادة المعدوم فظاهر أيضا ، فالامكان حاصل على التقديرين.
وأما وقوعه فلوجهين.
الاول : دلالة السمع المتواتر عليه ، فانه معلوم بالضرورة من دين محمد (صلىاللهعليهوآله).
الثاني : لما تقدم من حكمته تعالى وكونه لا يخل بواجب ، فيجب عليه ايصال كل حق الى مستحقه ، وذلك انما يكون بالمعاد ، فالمعاد واجب.
احتجت الفلاسفة المنكرون للمعاد البدني بوجهين :
الاول : أنه لو صح اعادة الاجسام لزم اما التداخل أو الخلاء ، واللازم باطل بقسميه فكذا المقدم (٣). بيان الشرطية : ان الاعادة اما تحصل في هذا
__________________
(١) فى «ن» : بعد هاتين.
(٢) سورة يس : ٧٨.
(٣) فى «ن» : الملزوم.