فمنها عذاب القبر : وهو أمر ممكن ولا استبعاد فيه ، مع احتمال كونه لطفا للمكلفين ، وقد تواتر النقل بوقوعه ، أما الاخبار فمشحونة به. وأما القرآن فيدل عليه آيات:
الاول : قوله تعالى (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) دل ذلك صريحا على حصول عذاب بعد الموت وقبل البعث ، والا لزم التكرار في قوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) وذلك هو عذاب القبر ، فثبت القول به.
الثاني : قوله تعالى في حق قوم نوح (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) أتي بفاء التعقيب ، فيكون ادخالهم النار عقيب الاغراق ، [فيكون هذا الادخال قبل الادخال الذي في القيامة ، لان ذلك ليس عقيب الاغراق] ، وادخال النار قبل يوم القيامة هو عذاب القبر.
الثالث : قوله تعالى (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) دل ذلك على أن في القبر حياة وموتا آخر ، والا لم يكن الاحياء مرتين والاماتة كذلك.
ان قلت : فعلى هذا يكون الاحياء ثلاثا ، فلم ذكر مرتين فقط.
قلت : التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد ولا يتعين.
ومنها الصراط : وهو جسر بين الجنة والنار ، أدق من الشعر وأحد من السيف ، يتسع للمطيع ويتضيق للعاصي.
ومنها الميزان والحساب : وهما اشارة الى العدل في الجزاء.
ومنها انطاق الجوارح : وإليه الاشارة بقوله (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١).
ومنها تطاير الكتب : وإليه الاشارة بقوله تعالى (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ
__________________
(١) سورة النور : ٢٤.