الكذب في الوعد ، فما أجبتم به فهو جوابنا.
وأما الثاني وهو وقوع العفو سمعا فلوجهين :
الاول : قوله تعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (١) ووجه الاستدلال أن «على» هنا يفهم منها معينان : أحدهما التعليل كما يقال : ضربته على عصيانه ، أي لاجل عصيانه ، وثانيهما الحال كما يقال : زرت زيدا على شربه ، أي في حال شربه ، والاول غير مراد في الآية اتفاقا فبقي الثاني ، فيكون معناه أنه لذو مغفرة للناس حال ظلمهم ، خرج من ذلك الكفر بالاجماع فبقي الباقي على عمومه ، وهو المطلوب.
الثاني : قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٢) ووجه الاستدلال من وجهين :
أحدهما : أنه أخبر أنه يغفر ما دون الشرك ، فاما أن يكون مع التوبة أو بدونها ، والاول باطل لعدم الفرق حينئذ بين الشرك وغيره ، فان الاجماع منعقد على غفران الشرك مع التوبة فتعين الثاني ، وهو أن يكون معفوا بدون التوبة فيكون واقعا لوجوب وقوع ما أخبر الله تعالى بوقوعه ، وهو المطلوب ، ولا يمكن أن يقال : ان عدم غفران الشرك مع التوبة وغفران ما دونه مع التوبة ، لخروج الكلام عن النظم الصحيح.
وثانيهما : أنه تعالى علق غفران ما دون الشرك بالمشية ، فوجب أن لا يكون مشروطا بالتوبة ، لان الغفران مع التوبة واجب عند الخصم ، ولا شيء من الواجب معلق بالمشية.
المقام الثاني : ان الشفاعة من النبي صلىاللهعليهوآله ثابتة في حق
__________________
(١) سورة الرعد : ٦.
(٢) سورة النساء : ٤٨.