الامكان ، فتارة نقول بوقوعه ويكون منقطعا ، وتارة نقول بعدم وقوعه ، وذلك اذا حصل أحد أمور ثلاثة : اما التوبة أو العفو أو الشفاعة ، أما الاول فسيأتي بيانه ، وأما الآخران فهذا البحث معقود لهما ، فهنا مقامان :
الاول : في جواز العفو عن الفاسق ، وقد اتفق على ذلك أصحابنا الامامية والمرجئة والاشاعرة [بل] ومن الناس من يحكم بوجوب العفو عنه ، وقالت الوعيدية : بامتناع العفو عنه سمعا ، واختلفوا في جوازه عقلا ، فمنعه البغداديون والبلخي ، وجوزه البصريون.
والحق جوازه عقلا ووقوعه سمعا ، أما الاول فلوجهين :
الاول : أن العفو احسان ، وكل احسان حسن ، والمقدمتان ضروريتان لا يفتقران الى برهان.
الثاني : أن العقاب حقه تعالى ، فجاز منه اسقاطه. أما الاول فظاهر ، وأما الثاني فلانه لا ضرر عليه تعالى في تركه ولا لوم ، مع أنه اضرار بالعبد وتركه احسان إليه ، وكل ما كان كذلك كان اسقاطه جائزا ، بل ذلك غاية في الاحسان قطعا.
ان قلت : هذا معارض بوجهين :
الاول : أن العلم بالعفو اغراء للمكلف بفعل القبيح فيكون قبيحا.
الثاني : أنه ملزوم القبيح فيكون قبيحا ، أما أنه ملزوم القبيح فلانه يلزم الكذب في الوعيد والكذب.
قلت : الجواب عن الاول : أنا لم نقل بقطعيته حتى يلزم الاغراء ، مع أنه معارض بالتوبة ، فان العقاب يسقط بها ، مع أنه لا اغراء معها اتفاقا ، لعدم تيقن حصولها.
وعن الثاني : أنه معارض بخلف الوعد ، وهو أن تحتم العذاب ملزوم