واستدل عليه بأن تصور وجودي بديهي ، والوجود المطلق جزءا من وجودي ، اذ العام جزء من الخاص ، واذا كان كذلك كان المطلق بديهيا ، اذ لو كان كسبيا لكان تصور وجودي كسبيا ، لانه موقوف على جزئه وجزؤه كسبي ، والموقوف على الكسبي كسبي ، فيكون تصور وجودي كسبيا ، والفرض أنه بديهي هذا خلف.
وفيه نظر : أما أولا : فلانه مبني على اشتراك الوجود ، وهو (١) مسألة نظرية ولهذا اختلف فيها.
وأما ثانيا : فانا (٢) نمنع أن المطلق جزءا من وجودي ، بل هو عرض عام له ، لانه مقول بالتشكيك كما تقدم ، فلا يكون جزءا.
والحق أن تصور الوجود والعدم بديهي من أول الاوائل ، فانا نعلم ضرورة أن زيدا الذي لم يكن ثم كان ، حصلت له حالة لم تكن حاصلة من قبل ، وتلك هي الوجود. وكذا العدم فانه لا شيء أظهر عند العاقل من كونه موجودا ، وأنه ليس بمعدوم ، فالوجود والعدم أمران بينان ، يحكم بهما كل انسان ، فلا حاجة بهما الى تعريف.
(المسألة الثانية) ان تصور الوجوب والامكان والامتناع بديهي ، ولا يحتاج الى تعريف ، فان كل ما يعرف به فهو أوضح منه ، فان قيل [في] شيء في ذلك فهو تنبيه على معانيها وكشفا لألفاظها ، كقولنا : الوجوب كون الماهية مقتضية للوجود لذاتها ، والامتناع كونها مقتضية للعدم لذاتها ، والامكان كونها لا تقتضي وجودا ولا عدما لذاتها.
وذهب قوم الى أن تصور هذه المفهومات كسبي ، فعرفوا الواجب بأنه
__________________
(١) فى «ن» : وهى.
(٢) فى «ن» : فلانا نمنع كون الخ.