ومن عرّف الواجب بأنه «ما ليس بممكن ولا ممتنع» وعرّف الممكن بأنّه «ما ليس بواجب ولا ممتنع» وأن «الممتنع هو الذي لا يمكن وجوده» لزمه الدور. وكذا كلما يقال في هذا الباب من التعريفات.
أقول : في هذا البحث مسألتان :
(الاولى) ان تصور الوجود والعدم ضروري ، وقد ذهب قوم غير محققين الى أن تصور الوجود كسبي ، وعرفوه بتعريفات ردية ، كقولهم أنه المنقسم الى الحادث والقديم ، أو المنقسم الى الفاعل والمنفعل ، أو الذي يمكن أن يخبر عنه ، وهذه تعريفات فاسدة :
أما الاول : فلانهم عرفوا الوجود بما يتوقف معرفته على معرفة الوجود ، فان القديم هو ما لم يسبق وجوده العدم ، والحادث هو ما سبق (١) وجوده العدم فالوجود جزء مفهوم تعريفهما ، فيكون متقدما عليهما ، فلو أخذا في تعريفه لزم تقديمهما (٢) عليه ، والتعريف سابق على المعرف ، لانه علة في تصوره ، فيلزم تقدم الشيء على نفسه وهو محال.
وأما الثاني : فكذلك ، اذ الفاعل هو المفيد للوجود ، والمنفعل هو المستفيد للوجود ، فقد توقف معرفتهما على معرفة الوجود.
وأما الثالث : فلان لفظة «الذي» انما يشار بها الى متحقق ثابت ، فقد أخذ [الوجود] في حد نفسه.
وذهب المحققون الى أن تصور الوجود والعدم بديهي التصور ، ولا حاجة فيه الى التعريف ، غير أن بعض هؤلاء زعم [أن] كون الوجود بديهي التصور مكتسب.
__________________
(١) فى «ن» : يسبق.
(٢) فى «ن» تقدمهما.