الاخر ، ولا يلزم توبته عن غيره من القبائح التي ليست مشاركة له في تلك الجهة لاختلاف الدواعي والاغراض ، ولهذا لو أسلم يهودي مصر على صغيرة وندم على كفره خاصة ، فان توبته مقبولة اجماعا ، وبهذا يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده عليهمالسلام.
الخامسة : لا خلاف في أن التوبة مقبولة لقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (١) ولا خلاف أن العقاب يسقط مع قبولها ، لقوله تعالى (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ)(٢). واختلف في أن سقوط العقاب عندها هل هو واجب أو تفضل من الله تعالى؟ قالت المعتزلة بالاول ، والمرجئة وأصحابنا الامامية بالثاني ، وقال الاوائل : ان التعلق بالجسمانيات مما يوجب التعذيب ، لاشتغال النفس بها عن المعقولات الملائمة لها ، فالتوبة ندم على ذلك التعلق واقلاع عنه فهو مسقط للعقاب ، لانه لا يدل على التفات النفس الى المعقولات.
احتج المصنف على مذهب الاصحاب : بأنه لو وجب سقوط العقاب [بها] لكان اما لوجوب قبولها أو لكثرة ثوابها ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، أما الشرطية فظاهرة.
وأما بطلان الاول من قسمي التالي فلانه لو وجب قبولها لكان أساء الى غيره بأنواع الاساءات ، مثل أن قتل ولده وأذهب أمواله ، ثم اعتذر إليه من تلك الاساءات العظيمة ، وجب قبول عذره ، ولو لم يقبل عذره كان مذموما عند العقلاء وهو باطل ، بل يحسن قبول عذره ويحسن الاعراض عنه ، فلا يكون قبولها واجبا.
وأما الثاني فلانه لو كان كثرة ثوابها مسقطا لعقا بها لزم الاحباط ، وهو باطل
__________________
(١) سورة الشورى : ٢٥.
(٢) نفس الآية القبل.