الى الاول ، وذهب ابنه أبو هاشم الى الثاني ، ونقل هذا القول قاضي القضاة عن أمير المؤمنين عليهالسلام وأولاده كعلي بن موسى الرضا عليهمالسلام. احتج أبو علي : بأنه لو لم يصح التوبة من قبيح دون قبيح لم يصح الاتيان بواجب دون واجب ، واللازم باطل بالاجماع ، فان من صام ولم يصل يصح [صومه] بلا خلاف. بيان الملازمة : أن القبيح كما يترك لقبحه كذا الواجب يفعل لوجوبه ، واذا لزم من اشتراك القبائح فى العلة أن لا يصح التوبة من بعضها دون بعض لزم من استعمال (٢) الواجبات ذلك أيضا.
احتج أبو هاشم : بأنه يجب التوبة عن القبيح لقبحه ، وكلما كان كذلك لم تصح من البعض ، أما الصغرى : فلان جهة القبح هي جهة المنع منه ، والصرف عن فعله ، فيكون ذلك هو المقصود بالندم والترك ، ولان من ترك شرب الخمر لاضراره به لا يعد تائبا ، وكذلك من تاب عن القبيح خوفا من النار ، ولو لا خوفه لم يتب لم يعد تائبا. وأما الكبرى فلان القبيح مشترك في الجميع ، واذا كانت العلة مشتركة ، فلو تاب عن البعض خاصة ، لكشف ذلك عن كونه تائبا للقبيح لا لقبحه وهو باطل لما تقدم.
وأجاب عن حجة أبيه : بأن الفرق حاصل بين الفعل والترك ، وذلك لان من أكل الرمانة لحموضتها لا يجب أن يأكل كل رمانة ، بخلاف من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه يجب عليه ترك جميع الرمانات الحامضة ، والا لكشف عن أنه لم يترك الرمانة لحموضتها.
واعلم أن التحقيق هنا أن نقول : ان القبائح مقولة بالشدة والضعف ، فهي مختلفة لجهات قبحها وان كانت مشتركة في مطلق القبح ، وحينئذ نقول : اذا تاب العبد عن قبيح له مشاركة في جهة قبحه وجب توبته عن ذلك القبيح
__________________
(٢) فى «ن» : اشتراك.