له الوجوب ، وننقل الكلام حينئذ الى الثاني ونقول فيه كما قلنا في الاول ، ويلزم التسلسل.
وان كان ممكنا جاز زواله ، اذ الممكن لا يستحيل عليه شيء من العدم ولا الوجود ، واذا جاز زواله فلنفرضه واقعا ، اذ الممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال ، وحينئذ يزول الوجوب عن الواجب ، فيكون ممكنا ، فقد بانت الملازمة والتسلسل ، وامكان الواجب محال ، وهما لازمان من فرض وجود الوجوب خارجا ، فلا يكون موجودا في الخارج وهو المطلوب.
وفيه نظر : لان قولكم «اما واجب أو ممكن» قلنا : نختار أنه واجب.
قولكم «فيكون له وجوب» قلنا : ممنوع بل وجوب الوجوب عينه ، والفرق بينه وبين الوجوب الاول ، أن أحدهما وجوب الماهية ، والاخر وجوب الوجوب.
ويمكن أن يجاب عنه : بأن الوجوب كيفية لانتساب أمر الى آخر ، والنسبة مغايرة للمنتسبين ، وكيفية المغايرة مغايرة قطعا ، فيكون الوجوب الثاني زائدا ، وهو المطلوب.
وأما الامكان : فلانه لو كان موجودا في الخارج لزم اما وجوب الممكن أو التسلسل.
وبيان الملازمة : ان الامكان صفة للممكن وعارض له ، والعوارض يشترط في تحققها وجود معروضاتها.
فلو كان الامكان واجبا ، كان الممكن أولى بأن يكون واجبا ـ لان شرط الواجب واجب ، اذ لو لم يكن واجبا لكان ممكنا ، فيجوز زواله حينئذ ، فيزول المشروط ، والفرض أنه واجب. هذا خلف.
ولو كان ممكنا لكان له امكان ، وننقل الكلام الى الامكان الثاني ، ونقول فيه كما قلنا أولا وهلم جرى. ووجوب الممكن محال ، والا لزم انقلاب الحقائق ، والتسلسل أيضا محال كما يجيء.